الحملات الإعلامية على المملكة حقيقتها وأبعادها

الشيخ سليمان أبا الخيل

الخُطْبَةُ الأُولَى:

إنَّ الحمدَ للهِ، نحمَدُه ونَشْكُرُه، ونَسْتَعِينُه ونَسْتَهْدِيهِ ونَتُوبُ إليه، ونَعُوذُ به مِنْ شُرُورِ أنفُسِنا ومِنْ سيِّئاتِ أعمالِنا، مَنْ يَهْدِهِ اللهُ فلا مُضِلَّ له، ومَنْ يُضْلِلْ فلا هاديَ له، وأَشْهَدُ أنْ لا إلهَ إلَّا اللهُ، وحْدَهُ لا شَرِيكَ له، وأَشْهَدُ أنَّ محمدًا عَبْدُه ورسولُه، صلَّى الله عليه، وعلى آلهِ وصحابَتِه، وسَلَّمَ تسليمًا كثيرًا.

أمَّا بَعْدُ:

﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ ١٠٢ وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلاَ تَفَرَّقُوا وَاذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُم بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا وَكُنتُمْ عَلَى شَفَا حُفْرَةٍ مِّنَ النَّارِ فَأَنقَذَكُم مِّنْهَا﴾ [آل عمران: 102-103].

﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا ٧٠ يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَن يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا﴾ [الأحزاب: 70-71].

عِبَادَ اللهِ:

لَا شَكَّ أَنَّ الْإِعْلَامَ بأَشْكَالِهِ وصُورِهِ كافَّةً يُعَدُّ أَدَاةً خَطِيرَةً لِلتَّأْثِيرِ عَلَى عُقُولِ النَّاسِ وآرَائِهِم في مُخْتلِفِ الْأَمَاكِنِ بِالسَّلْبِ أَوِ الْإِيجَابِ؛ فَقَدْ يَكُونُ وسِيلَةً لِبِنَاءِ الْـمُجْتَمَعَاتِ، وتَوْجِيهِهَا لِمَا فِيهِ خَيْرُ الْبِلَادِ والْعِبَادِ، وقَدْ يَكُونُ أَيْضًا مِعْوَلَ هَدْمٍ لِلْحَضَارَاتِ والْـمُجْتَمَعَاتِ، ومُؤَلِّبًا قَوِيًّا عَلَى وُلَاةِ الْأُمُورِ الَّذِينَ لَا يَأْلُونَ جُهْدًا في تَوْفِيرِ الرَّاحَةِ والْأَمْنِ والْأَمَانِ لِكُلِّ الْـمُوَاطِنِينَ؛ سَوَاءٌ أَصْحَاب الْبَلْدَةِ أَوِ الْـمُقِيمِينَ فِيهَا.

وَلِخُطُورَةِ الْإِعْلَامِ ودَوْرِهِ الفَعَّالِ في الْـمُجْتَمَعِ آثَرْتُ أَنْ يَكُونَ مَوْضُوعُ حَدِيثِي الْيَوْمَ: «الْـحَمَلَاتِ الْإِعْلَامِيَّةَ عَلَى الْـمَمْلَكَةِ الْعَرَبِيَّةِ السُّعُودِيَّةِ.. حَقِيقَتَهَا وأَبْعَادَهَا».

وَسَيَكُونُ حَدِيثِي مِن خِلالِ مِحْوَرَيْنِ أَسَاسِيَّيْنِ:

الْـمِحْورُ الْأَولُ:

مَدْخَلٌ إِلَى الْـمَوْضُوعِ؛ و يَشْتَمِلُ عَلَى ثَلَاثَةِ عَنَاصِرَ:

1- تَارِيخُ الْـحَمَلَاتِ الْإِعْلَامِيَّةِ ضِدَّ الْإِسْلَامِ؛ وبَلَدِ الْإِسْلَامِ «الْـمَمْلَكَةِ الْعَرَبِيَّةِ السُّعُودِيَّةِ»:

إِنَّكِ عِنْدَمَا تَسْبُرُ أَغْوَارَ التَّارِيخِ، وتُحَقِّقُ فِيمَا جَاءَ فِيهِ، تَرَى أَنَّ الْعَدَاءَ لِلْإِسْلَامِ لَيْسَ ولِيدَ اللَّحْظَةِ ولَا الْيَوْمِ؛ بَلْ إِنَّهُ وُجِدَ مَعَ وُجُودِ الْإِسْلَامِ عَبْرَ وسَائِلَ وأَدَوَاتٍ ومَنَاهِجَ وطُرُقٍ تَتَوَافَقُ مَعَ كُلِّ مَرْحَلَةٍ وزَمَنٍ يَخْدُمُ تِلْكَ الْـحَمَلَاتِ؛ فَالنَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم عِنْدَمَا دَعَا إِلَى رَبِّهِ وصَرَّحَ بِدَعْوَتِهِ اتُّهِمَ بِأَنَّهُ مَجْنُونٌ، وأَنَّهُ سَاحِرٌ، وأَنَّهُ كَاهِنٌ، وأَنَّهُ يَعْمَلُ عَلَى صَرْفِ النَّاسِ عَنْ عَقَائِدِهِمْ وأَدْيَانِهِمُ الَّتِي أَخَذُوهَا عَنِ الْآبَاءِ والْأَجْدَادِ؛ بَلْ وأَعْظَمُ مِنْ ذَلِكَ، وأَنْكَى شَرًّا، وأَكْبَرُ خَطَرًا أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم لَمْ يَسْلَمْ مِنْ عَدَاءِ الْـمُشْرِكِينَ والْيَهُودِ والْـمُنَافِقِينَ؛ قَوْلًا أَوْ عَمَلًا، ومَا حَادِثَةُ الْإِفْكِ بِبَعِيدَةٍ عَنْ ذِهْنِ كُلِّ مَنْ يَتْلُو كِتَـابَ اللهِ، ويَتَــأَمّـَلُ فِيـهِ، ويَتَـدَبَّرُ مَعَـانِيَه، ويَعْـرِفُ مَقَاصِـدَهُ، وأَسْـرَارَهُ؛ فَاللهُ عز وجل يَقُولُ: ﴿لَوْلَا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ ظَنَّ الْمُؤْمِنُونَ والْمُؤْمِنَاتُ بِأَنْفُسِهِمْ خَيْرًا﴾ [النور: 12]، ويَقُولُ سُبْحَانَهُ: ﴿ولَوْلَا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ قُلْتُمْ مَا يَكُونُ لَنَا أَنْ نَتَكَلَّمَ بِهَذَا سُبْحَانَكَ هَذَا بُهْتَانٌ عَظِيمٌ﴾ [النور: 16]؛ إِلَى غَيْرِ ذَلِكَ مِنَ الْـحَوَادِثِ والْقَضَــايَا والنَّوَازِلِ الَّتِي وقَـعَـتْ لِرَسُـولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم؛ مِمَّا جَعَلَ بَعْضَ مَنْ يَنْتَسِبُونَ إِلَى الْإِسْلَامِ؛ إِمَّا نِفَاقًا، وإِمَّا جَهْلًا يَرْمُونَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم بِهَذِهِ الْأَقَاوِيلِ والْأَرَاجِيفِ والْأَبَاطِيلِ.

هَذَا أُنْمُوذَجٌ، وهُنَاكَ نَمَاذِجُ أُخْرَى كَثِيرَةٌ، وظَلَّ هَذَا الْـمَنْهَـجُ والطَّرِيـقُ لِأَعْــدَاءِ الدِّينِ مَعَ الْخُـلَـفَاءِ الرَّاشِــدِينَ - رِضْوَانُ اللهِ عَلَيْهِمْ - ، والْقِصَصُ والْـحَوَادِثُ في ذَلِكَ كَثِيرَةٌ؛ وأَبْرَزُهَا مَوْقِفُ هَذِهِ الْفِئَةِ الْخَارِجَةِ الْـمَارِقَةِ مِنْ أَمِيرِ الْـمُؤْمِنِينَ ذِي النُّورَيْنِ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ رضي الله عنه ، ثُمَّ مَا حَصَلَ مِنْهُمْ مَعَ أَمِيرِ الْـمـُؤْمِنِــينَ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رضي الله عنه، ومَعَ صَحَابَةِ رَسُولِهِ صلى الله عليه وسلم.

اسْتَمَرَّتِ الْأَحْوَالُ عَلَى هَذَا الْـمِنْوَالِ على مدى عُقُودٍ وقُرُونٍ سَادَتْ فِيهَا أُمَمُ الْإِسْلَامِ عَلَى مُخْتَلِفِ قُوَّتِهَا وأَثَرِهَا وتَأْثِيرِهَا، إِلَى أَنْ جَاءَ الْعَصْرُ الْـحَدِيثُ، وهَيَّأَ اللهُ عز وجل لِهَذِهِ الْجَزِيرَةِ الْعَرَبِيَّةِ أَئِمَّةً عَرَفُوا واجِبَهُمْ، وأَدْرَكُوا مَا هُوَ مُعَوَّلٌ عَلَيْهِمْ فِيمَا يُخْرِجُ النَّاسَ مِمَّا هُمْ فِيهِ مِنْ ضَلَالٍ وشِرْكٍ، وبِدَعٍ، وخُرَافَاتٍ، وجَهْلٍ، وظُلْمٍ، وتَفَرُّقٍ، وتَمَزُّقٍ؛ فَنَاصَرَ الْإِمَــامُ مُحَمَّـدُ بْنُ سُعُـودٍ الْإِمَامَ مُحَـمَّدَ بنَ عَبْـدِ الْوَهّـَابِ، وتَعَاهَدَا، وتَعَاقَدَا، وتَعَاضَدَا، وتَعَاوَنَا، ورَسَمَا طَرِيقًا صَافِيًا صَفِيًّا نَقِيًّا واضِحًا عَلَى مَنْهَجِ الْوَحْيَيْنِ الْكَرِيمَيْنِ؛ يَسْتَمِدُّونَ مِنْهُمَا كُلَّ مَا يَحْتَاجُونَ إِلَيْهِ في أُمُورِ دِينِهِمْ ودُنْيَاهُمْ، ومَا يُحَقِّقُ لِمُجْتَمَعِهِمُ السَّعَادَةَ والسِّيَادَةَ والرِّيَادَةَ؛ الْأَمْرُ الَّذِي بَرَزَ مَعَهُ «إِمَارَةُ آلِ سُعُودٍ»، و«إِمَامَةُ الشَّيْخِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْوَهَّابِ» ، وكَانَ صِيتُهَا وصَوْلَتُهَا وجَوْلَتُهَا قَدْ بَلَغَتِ الْآفَاقَ، وتَعَدَّتِ الْـحُدُودَ؛ مِمَّا جَعَلَ أَعْدَاءَ الْإِسْلَامِ يَمُوتُونَ غَيْظًا، وكَذَلِكَ أَعْدَاء الدَّعْوَةِ؛ مِمَّن يَرَوْنَ لَهُمْ حَقًّا، أَوْ لَيْسَ لَهُمْ حَقٌّ، يُثِيرُونَ الْقَلَاقِلَ والْـمَشَاكِلَ، ويُحَاوِلُونَ النَّيْلَ مِنْ دَعْوَةِ الشَّيْخِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْوَهَّابِ، ومِنْ وِلَايَةِ آلِ سُعُودٍ وإِمَارَتِهم بِالدَّعَاوَى الْبَاطِلَةِ، والْأَكَاذِيبِ الَّتِي نَقْرَؤُهَا ونُطَالِعُهَا في سِيرَةِ هَذَيْنِ الْإِمَامَيْنِ الْعَلَمَيْنِ الْجَلِيلَيْنِ؛ وذَلِكَ مِنْ أَجْلِ تَنْفِيرِ النَّاسِ عَنْ هَذِهِ الدَّعْوَةِ الصَّحِيحَةِ الْقَائِمَةِ عَلَى أُصُولِ الشَّرِيعَةِ وقَوَاعِدِهَا وثَوَابِتِهَا، يُسَمُّونَ أَتْبَاعَهَا بِالْوَهَّابِيَّةِ؛ حِقْدًا، وحَسَدًا، وغِلًّا، وكُرْهًا؛ مِنْ أَجْلِ أَنْ تَبْقَى الْبِدَعُ، وتَنْتَشِرَ الْخُرَافَاتُ.

وَلَكِنَّ الدعوةَ بِتَوْفِيقٍ مِنَ اللهِ، وإِعَانَتِهِ لِلْإِمَامَيْنِ ومَنْ جَاءَ بَعْدَهُما مِنْ أَئِمَّةِ آلِ سُعُودٍ لَمْ تَتَأَثَّرْ ولَمْ تَتَأَخَّرْ؛ بَلْ كَانَت تَزْدَادُ قُوَّةً وتَمَاسُكًا وأَثَرًا وتَأْثِيرًا؛ الْأَمْرُ الَّذِي جَعَلَها تَصِلُ إِلَى بِلَادِ الْهِنْدِ، والسِّنْدِ، والْعِرَاقِ، وغَيْرِهَا مِنْ أَقْطَارِ الْعَالَمِ.

ثُمَّ وصَلَ الْأَمْرُ إِلَى مَا وصَلَ إِلَيْهِ في الْجَزِيرَةِ الْعَرَبِيَّةِ؛ مِمَّا جَعَلَ هَذِهِ الدَّعْوَةَ تَخْفُو أَوْ تَضْعُفُ نَوْعًا مَا؛ لِوُجُودِ التَّنَافُرِ، والتَّنَابُزِ، والتَّنَافُسِ، والشِّقَاقِ، والْعَصَبِيَّةِ، والْقَبَلِيَّةِ، والْجَهْلِ، وغَيْرِ ذَلِكَ مِنَ الْـمُؤَثِّرَاتِ الْخَارِجِيَّةِ؛ الَّتِي كَانَ لَهَا دَوْرٌ بَارِزٌ وظَاهِرٌ فِيمَا حَصَلَ في ذَلِكَ الزَّمَنِ.

ثُمَّ تفضَّلَ اللـهُ عز وجل على هَذِهِ الأُمَّةِ، وهذه البلادِ برَجُلٍ هُمَامٍ، وقائِدٍ صالِحٍ، ومَلِكٍ عادِلٍ، ورَجُلٍ مجاهِدٍ؛ ألا وهو الـمَلِكُ عَبْدُ العَزِيزِ بْنُ عبدِ الرَّحْمَنِ آل سُعُودٍ رحمه الله الَّذِي نَذَرَ نفسَهُ، وجنَّدَ أهْلَهُ ووَلَدَهُ وسَخَّرَ كلَّ إمكانِيَّاتِه المادِيَّة والمعنوِيَّة؛ من أجْلِ تأسيس الدولة الإسلامية، ومُلْكٍ يقومُ على التَّوْحِيدِ والدَّعْوَةِ، لا لمطامِعَ ومصالحَ دُنْيَوِيَّةٍ؛ حيث كان الأمرُ في وقتِهِ وزَمَنِ عَوْدتِه لا يَسُرُّ عَدُوًّا ولا صَدِيقًا؛ مما جَعَلَهُ يَحْرِصُ حِرْصًا شديدًا، ويُبَادِرُ مبادَرَةً واضحَةً إلى أن يَصِلَ إلى هذه البلادِ، ويَجْعَلَها أُمَّةً واحدَةً مُتَوَحِّدَةً في وطنِها، وعقيدَتِها، وشريعَةِ رَبِّها؛ فأبدلَ اللهُ عز وجل حالَ هذه الأمَّةِ بما تَفَضَّلَ اللـهُ بِهِ عليها، وبما جاء به المَلِكُ عَبْدُ العزيزِ خَيْرًا وفَضْلًا ونِعَمًا وتَعَاوُنًا على البرِّ والتَّقْوَى، وبِرًّا، و إحسانًا، وعدلًا، ورحمةً، وأُلفةً، ومحبَّةً؛ حيث كَوَّنَ دولةً أصيلَةً مُعَاصِرَةً آمِنَةً مُطْمَئِنَّةً مُسْتَقِرَّةً؛ يأتيها رِزْقُها رَغَدًا من كلِّ مكانٍ، وما ذاك إلا لأنها أَخَذَتْ بعقيدةِ التَّوْحِيدِ غَضَّةً طَرِيَّةً؛ كما جاء في كتابِ اللهِ، وسُنَّةِ رَسُولِهِ صلى الله عليه وسلم ، وفَهِمَهُ علماءُ سَلَفِ هذه الأمَّةِ منها؛ تَغْرِفُ من مَعِينِها، وتشربُ من زُلَالِها، وتَنْهَلُ من مَعَارِفِها وعلومها، وكذلك تَطْبِيقُ شريعةِ الله عز وجل دونَ نَقْصٍ، أو زيادةٍ، أو تَقْصِيرٍ أو خَلَلٍ في أيِّ جُزْءٍ من أجزائها، وقد كان يَنْظُرُ إلى أنَّ مُلْكَهُ ليس مُلْكًا دِينِيًّا أو سِيَاسِيًّا؛ إنما هو دَعْوَةٌ وتوحيدٌ، ونشرٌ لشريعةِ اللهِ عز وجل.

وظلَّ الأمرُ على هذا وتَنَامَى وزاد؛ مما جَعَلَ أعداءَ هذِهِ الدولةِ والدَّعْوَةِ يُظْهِرُونَ عداوَتَهُمْ، ويُكَشِّرُونَ عن أنيابهم؛ حتى يُؤَثِّرُوا على ما تَفَضَّلُ اللهُ به على هذهِ البلادِ وأهلِهَا من كلِّ طريقٍ وحَدَبٍ وصَوْبٍ، ولكنَّ الله عز وجل يَرُدُّ كَيْدَهُمْ إلى نُحُورِهم، ويُبْطِلُ شُرُورَهُمْ؛ كلما أوقدوا نارًا أَطْفَأَهَا اللهُ، وليس ذلك لسوادِ عُيُونِ أهلِ هذه البلادِ، ولا لأنَّ بَيْنَهُمْ وبين اللهِ نَسَبًا أو قَرَابَةً؛ إنما قُرْبُنا وصِلَتُنَا مع اللهِ عز وجل هي أننا أهلُ تَوْحِيدٍ خالِصٍ، وعقيدةٍ صافيَةٍ، وتطبيقٍ لشريعةِ الله، ﴿الَّذِينَ آمَنُوا ولَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ أُولَئِكَ لَهُمُ الْأَمْنُ وهُمْ مُهْتَدُونَ﴾ [الأنعام: 82].

وقد تحقَّقَ ما يتمنَّاُه كلُّ مُسْلِمٍ في مشارِقِ الأرضِ ومَغَارِبِها ممَّن يُحِبُّونَ هذه البلادَ، ويفرحونَ لِفَرَحِها، ويَعْمَلُونَ على الحفاظِ عليها في أَقْوَالِهم وأَفْعَالِهم، بما جَعَلَ أعداءَ الإسلامِ لا يُقَرُّ لهم قرارٌ، ولا يَهْدَأُ لهم بالٌ، إلا بالضَّرْبِ بأيَّةِ وسيلةٍ اسْتَطَاعُوهَا، وتَسْخِيرِ المقدَّرَاتِ الماديَّةِ والمعنويَّةِ؛ من أَجْلِ زَعْزَعَةِ وحْدَتِها، وخَلْخَلَةِ أمنِها، وتفريقِ صَفِّها، ولكنْ هَيْهَاتَ أن يَتَحَقَّقَ لهم ذلك، أو يُحَقِّقُوهُ ما دُمْنَا نرعى دينَ اللهِ، ونأخذُ بالإسلامِ الصَّحِيحِ، ومنهجِ السَّلَفِ الصَّالِحِ، وأهْلِ السُّنَّةِ والجماعةِ؛ فهي الحِصْنُ الحَصِينُ بَعْدَ اللهِ عز وجل، والدِّرْعُ الواقي، والجَبَلُ الصَّلْدُ، والصَّخْرَةُ التي تَتَفَتَّتُ عليها هذه العداواتُ، وهذه الحَمَلَاتُ التي نراها ونطالعها عَبْرَ وسائلِ الإعلامِ التقليديَّةِ، وما يُسَمَّى بوسائلِ التواصُلِ الاجتماعيِّ، أو الإعلامُ الجديدُ الذي سَنَتَحَدَّثُ عنه من خلال العنصرِ الثَّاني من عناصِرِ المَدْخَلِ لهذا اللقاءِ المباركِ.

1) أهميَّةُ الإعلامِ في حَيَاةِ الفَرْدِ والمجتَمَعَات:

الإعلامُ له شَأْنٌ كبيرٌ، وأَثَرٌ بالغٌ، وتأثيرٌ قويٌّ، ليس من هذا العَهْدِ، أو هذا العصر، بل مُنْذُ عقودٍ طَوِيلَةٍ، بل حتَّى في صَدْرِ الإســلامِ؛ يـقــولُ اللهُ عز وجل: ﴿وإِذَا جَاءَهُمْ أَمْرٌ مِنَ الْأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذَاعُوا بِهِ﴾ [النساء: 83].

ويقولُ سبحانه وتعالى أيضًا: ﴿لَئِنْ لَمْ يَنْتَهِ الْمُنَافِقُونَ والَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ والْمُرْجِفُونَ فِي الْمَدِينَةِ لَنُغْرِيَنَّكَ بِهِمْ ثُمَّ لَا يُجَاوِرُونَكَ فِيهَا إِلَّا قَلِيلًا * مَلْعُونِينَ أَيْنَمَا ثُقِفُوا أُخِذُوا وقُتِّلُوا تَقْتِيلًا﴾ [الأحزاب: 60، 61].

وهذه الشائِعَاتُ والحَمَلاتُ الإعلاميَّةُ على قَدْرِ مَحْدُودِيَّتِهَا، وفي زَمَنٍ مُتَقَدِّمٍ كانت تُحَقِّقُ بعضَ الأثرِ لمُرَوِّجِيها ومُشِيعِيها ومُذِيعِيهَا ومُتَبَنِّيها، كما حَصَلَ في بَعْضِ غَزَوَاتِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم ، وفى حَادِثَةِ الإفكِ، وفي غَيْرِ ذلك؛ مما يَطُولُ الحديثُ عنه.

وقد تَطَوَّرَتْ وسائلُ الإعلامِ تَطُوُّرًا هَائِلًا؛ فَفِي الْـمَاضِي الْقَرِيبِ كَانَ يُقَالُ: إِنَّ العالَمَ قريَةٌ، ثم قِيلَ: إن العالَمَ غُرْفَةٌ، ثم قِيلَ: إن العالَمَ جِهَازٌ لا يُوَازِي نِصْفَ الكَفِّ؛ وهو الهاتفُ النَّقَّالُ، ثم الآنَ

العَالَمُ في أَجْهِزَةٍ تُوازِي السَّاعَةَ، أوِ القلمَ تَحْصُلُ من خلالها على كلِّ ما تُرِيدُ مِنْ أُمُورِك الدينِيَّة والدُّنْيَوِيَّة بكلِّ يُسْرٍ وسُهُولَةٍ؛ ولذلك فإنَّ وسَائِلَ الإعلامِ تَنْقَسِمُ في أهمِّيَّتِها وأَثَرِها وتأثيرِها إلى قِسْمَيْنِ:

القِسْمُ الأَولُ: وسائِلُ الإعْلَامِ النَّافِعَةُ:

وهذه الوسائلُ تَكُونُ نَافِعَةً إذا اسْتُثْمِرَتْ أو اسْتُغِلَّتْ فيما ينفعُ الفَرْدَ والمجتمعَ، ويُحَقِّقُ المصالحَ، ويَدْرَأُ المفاسِدَ، وإنَّ التَّعَامُلَ معها وفيها وإِدَارَتَها يحتاجُ إلى مَهَارَةٍ واحترافٍ، وأن يَرْقُبَ الإنسانُ إذا أرادَ أَنْ يَسْتَثْمِرَهَا في الخيرِ ما يُدْمَجُ فيها، ويُعَبَّأُ بِهَا من المعلوماتِ والفوائِدِ والأحكامِ، وهنا يَكُونُ عملُه جَيِّدًا، ومُفِيدًا، ونافِعًا، ولا يستطيعُ أَحَدٌ أن يَدْخُلَ عليه، أو يَنْقُدَ عَمَلَهُ، أو يَأْخُذَ منه عملًا يُسْتَغَلُّ ضد دِينِ الله، وبلادِ الإسلامِ.

القِسْمُ الثَّانِي: وسَائِلُ الإعلَامِ الضَّارَّةُ:

وهي لا تَقِلُّ أهميَّةً عنِ القِسْمِ الأوَّلِ، والملاحَظُ أن جُلَّ مَنْ يَتَعَامَلُ مع هذه الوسائلِ على هذا القِسْمِ يَجْعَلُهَا أداةً ذاتَ حَدٍّ خَطِرٍ، بل وفي كثيرٍ منَ الأحيانِ قَاتِلٍ ومُمِيتٍ، ويَذْكُرُ لي بعضُ الباحثين أنَّ هناكَ دِرَاسَةً أُعِدَّتْ عنِ استخدامِ هذه الوسائلِ الجديدةِ والحديثةِ التي يَسْتَخْدِمُها عُمُومُ المسلمين، بل والعالمُ أَجْمَعُ، فَتَبَيَّنَ له عَبْرَ إحصاءاتٍ دَقِيقَةٍ، واسْتِئْمَاراتٍ مُلِئَتْ بمعلوماتٍ وحقائِقَ وأرقامٍ، أن الغَرْبَ الذي صَنَعَ وأحْدَثَ واخترعَ هذه الوسائل يَسْتَفِيدُ منها بنسبة 85% بما يَنْفَعُ؛ وخاصَّةً في أمورِهِمُ الدُّنْيَوِيَّة، وأنَّ نِسْبَةَ 80 % إلى 85% من استخدامِها في البلادِ العربيَّةِ والإسْلَامِيَّةِ استخدامٌ سَيِّئٌ وسَلْبِيٌّ، ويضرُّ الفَرْدَ والأسْرَةَ والمجتمعَ، وأوطانَ المسلمين، وما حوادثُ ما يُسَمَّى بالرَّبِيعِ العَرَبِيِّ، وأَنَا أُسَمِّيهِ «الشَّرَّ العَرَبِيَّ» ببعيدٍ عنا؛ فقدِ اسْتُخْدِمَتْ هذه الوسائِلُ في إفسادِ أَمْنِ وأمانِ واجتماعِ بُلْدَانٍ وأوطانٍ بكاملها؛ وهي الآنَ في مَهَبِّ الريحِ؛ مُمَزَّقَةً، مُتَفَرِّقَةً؛ يَعِيثُ فيها أهْلُ الِفتَنِ والشرِّ فَسَادًا.

ولذلك لا بُدَّ أنْ نَنْتَبِهَ لهذا الأمرِ، وأن نَكُونَ يَقِظِينَ فَطِنِينَ حَصِيفِينَ فيما يخصُّ استخدامَنَا الخاصَّ لهذه الوسائلِ، وكذلك استخدامُ أبنائِنَا لها؛ فلا بُدَّ في ذلكَ مِنَ الـمُتَابَعَةِ الجادَّةِ، وعَدَمِ الغَفْلَةِ عن فَلْزَاتِ الأكبادِ؛ لأنهم يُتَخَطَّفُونَ مِنْ حَوْلِنَا، ويَتَلَقَّفُهُمْ دُعَاةُ السُّوءِ والباطِلِ، الواقِفُونَ على بَابِ جَهَنَّمَ؛ يَقْذِفُونَ فيها كلَّ مَنْ أَجَابَهُمْ إليها.

نَمَاذِجُ من الحَمَلاتِ الإعلامِيَّةِ على المَمْلَكَةِ في العَصْرِ الحَالِي:

النماذِجُ كَثِيرَةٌ، وقد سُقْنَا بعضَها فيما ذكرْنَاهُ في العُنْصِر الأوَّلِ؛ وهو تارِيخُ هذه الحَمَلات، ولكن أَذْكُرُ مِثَالَيْنِ ونَمُوذَجَيْنِ عَصْرِيَّيْنِ لا بُدَّ منَ الإشارةِ إليهما:

أ- «قانون جاستا»:

ما يُسَمَّى بقانونِ «جاستا» أُطْلِقَ في أمريكا؛ لاتِّهَامِ المملكَةِ العربيَّةِ السُّعُودِيَّةِ بأنها تَتَبَنَّى الإرهابَ وتدعَمُه بوسائِلَ وطُرُقٍ مُخْتَلِفَةٍ، وقد فُعِّلَ هذا القانونُ، وعُمِلَ له طَرِيقَةٌ من خلالها وُجِّهَتِ الحملاتُ الإعلاميَّةُ على المملكَةِ العربيَّةِ السعوديَّة؛ مما جعل كثيرًا منَ الهيئاتِ والمُنَظَّمَاتِ الحقوقِيَّةِ تَرْفَعُ عَقَائِرَها لاتِّهَامِ المملكَة العربيَّةِ السعوديَّةِ في ذلك، واسْتُثْمِرَ ذلك مِنْ فِئَاتٍ وطَوَائِفَ وجماعاتٍ وأَحْزَابٍ وتَنْظِيمَاتٍ معلومَةٍ مَعْرُوفَةٍ؛ كُلُّها تُعَادِي المملكةَ العربيَّةَ السعوديَّةَ، وتَعْمَلُ على إثارةِ الأَحْقَادِ والضغائِن ِضِدَّها.

ب- « اليَمَنُ الشَّقِيقُ»:

المملكَةُ العربيَّةُ السعوديَّةُ، وبقيادَةٍ ورأيٍ حَصِيفٍ وسَدِيدٍ، وعَمَلٍ جَازمٍ حازِمٍ من خادمِ الحَرَمَيْنِ الشَّرِيفَيْنِ الـمَلِك سَلْمَانَ بْنِ عبد العَزِيزِ حَفِظَهُ الله هَبَّتْ لنُصْرَةِ أَشِقَّائِنَا في اليَمَنِ، وإعادَةِ الشَّرْعِيَّةِ إلى أَهْلِها في مُواجَهَةِ تُهْمَةٍ حاقِدَةٍ خَبِيثَةٍ فاسدةٍ تعملُ وسَطَ أَيْدُيولُوجِيَّةٍ سِيَاسِيَّةٍ عَقَدِيَّةٍ اجتماعيَّةٍ تُحَقِّقُ أهدافَ الدولةِ الصَّفَوِيَّةِ الفارِسِيَّةِ ومطامِعَها بكل سُفُورٍ، ووضوحٍ دونَ أي مُوَارَاةٍ.

ورغْمَ ما تَبْذُلُهُ المملكةُ العربيَّةُ السُّعُودِيَّةُ في هذا المقامِ من جُهُودٍ عَظِيمَةٍ وأعمالٍ جليلةٍ مَدَنِيَّةٍ، وعَسْكَرِيَّةٍ، واجتماعيَّةٍ، وإسْعَافِيَّةٍ، وصِحِّيَّةٍ، وخَدَمَاتِيَّةٍ، وإِغَاثِيَّةٍ، إلا أنَّ أولئك يَزْدَادُونَ في غِلِّهم، وفي إِثَارَتِهم للمشاكلِ والقضايا، وبَعْثِ كلِّ ما مِنْ شأنِهِ عدمُ إنهاءِ هذه النارِ؛ لأنَّ الذي يُشْعِلُهَا عَدُوٌّ بَغِيضٌ مُبْغِضٌ؛ ليس منَ الآنِ؛ بل مُنْذُ صَدْرِ الإسلامِ؛ ولذلكَ نَرَى أن بَعْضَ وسائِلِ الإعلامِ؛ سواءٌ مَرْئِيَّة، أو مَسْمُوعَة، أو مَقْرُوءَة، أو ما يُسَمَّى بوسَائِلِ التَّوَاصُلِ الاجتماعيِّ تُوَجِّهُ سِهَامَهَا المسمُومَةَ، وآراءَها الباطِلَةَ، وانْتِحَالَاتِها المزيفةَ، ودَعَاوِيها المُضَلِّلَةَ إلى هذه البلادِ وأهْلِها مِنْ كُلِّ حَدَبٍ وصَوْبٍ.

ولعلَّ ما حَدَثَ أخيرًا مِنْ إطلاقِ صَارُوخٍ بَالِسْتِيٍّ على الأرَاضِي المُقَدَّسَةِ؛ ومَكَّةَ على وجْهِ الخُصُوصِ هو أَعْظَمُ شَاهِدٍ وأكبرُ بُرْهَانٍ؛ فكلُّ العالَمِ أَنْكَرَ واسْتَنْكَرَ هذا الحادثَ الأليمَ الْعَظِيمَ الشَّنِيعَ الَّذِي لا يُصَدِّقُهُ مُسْلِمٌ، ولا غيرُ مُسْلِمٍ أن تُسْتَهْدَفَ قِبْلَةُ المسلمينَ، ومَهْوَى أَفْئِدَتِهم، إلا أن تِلْكَ الدَّوْلَةَ الفارسِيَّةَ الصَّفَوِيَّةَ الحاقِدَةَ لم تَفْعَل ذلك؛ مما يدلُّ على أنها مُوغِلَةٌ في مِثْلِ هذا العمل،ِ ودَاعِمَةٌ له عَبْرَ كلِّ أعمالها وجهودها التي آن الأوان أن تَبْطُلَ، وأن تَخْسَرَ، وأن تَنْدَحِرَ، وأن تُرَدَّ على أَعْقَابِها، بِإِذْنِ اللهِ الْقَائِلِ في مُحْكَمِ التنزيلِ: ﴿ومَنْ يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحَادٍ بِظُلْمٍ نُذِقْهُ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ﴾ [الحج: 25]، وليس أعْظَمَ من هذا العَمَلِ إلحادٌ، وليس أَكْبَرَ من هذا الفسادِ إفسادٌ، وليس أشنعَ من هذا الجُرْمِ جُرْمٌ.

لَقَدْ تَوَعَّدَ اللهُ عز وجل مَنْ هَمَّ أو أرادَ بَلَدَهُ الحَرَامَ بِسُوءٍ بالعذابِ الأليمِ والنَّكَالِ الشَّدِيدِ في الدنيا والآخِرَةِ، وقد قال جَمْعٌ مِنْ أهل العِلْمِ: إن ذلك يَشْمَلُ صَغِيرَ السَّيِّئَاتِ وكَبِيرَهَا إلى الإشْرَاكِ بالله؛ فكلُّ مَنْ هَمَّ بِصَغِيرَةٍ، أو أرادَ كبيرةً في الحَرَمِ؛ فإنه يُعَاقَبُ على ذلك، وليسَ ذَلِكَ إلا في الحَرَمِ؛ لأنَّ الإنسانَ لَوْ هَمَّ أو أَرَادَ فِعْلَ مَعْصِيَةٍ في أيِّ مكانٍ في هذه الدنيا لم يُعَاقَبْ عَلَيْهِ، لكنْ في حَرَمِ الله فالأمرُ مُخْتَلِفٌ.

وقد ذَكَرَ ابنُ كَثِيرٍ رحمه الله تعالى بَعْدَ أن ساقَ الآياتِ الدالَّةَ على ذَلِكَ والمُؤَيِّدَةَ له، أن اللهَ عز وجل حَقَّقَ هذا العذابَ في قصة أَبْرَهَةَ وأصحابِ الفيل الَّذِينَ نَزَلَتْ فيهم سُورَةٌ تُتْلَى إلى يَوْمِ القِيَامَةِ، فقال: ﴿أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِأَصْحَابِ الْفِيلِ ١ أَلَمْ يَجْعَلْ كَيْدَهُمْ فِي تَضْلِيلٍ ٢ وأَرْسَلَ عَلَيْهِمْ طَيْرًا أَبَابِيلَ ٣ تَرْمِيهِمْ بِحِجَارَةٍ مِنْ سِجِّيلٍ ٤ فَجَعَلَهُمْ كَعَصْفٍ مَأْكُولٍ﴾ [سورة الفيل].

ثُمَّ قَالَ: وهذا فيه دَرْسٌ وعِبْرَةٌ ونَكَالٌ لِكُلِّ مَنْ أَرَادَ سُوءًا بالكَعْبَةِ، وبمكَّةَ، وسَاقَ حديثًا أَخْرَجَهُ الإمامُ الْبُخَارِيُّ في صَحِيحِه؛ حيثُ قال النبيُّ صلى الله عليه وسلم : «يَغْزُو جَيْشٌ الْكَعْبَةَ، حَتَّى إِذَا كَانُوا بِبَيْدَاءَ مِنَ الْأَرْضِ، خُسِفَ بِأَولِهِمْ وآخِرِهِمْ»، قَالَتْ عَائِشَةُ: يَا رَسُولَ اللهِ، وفِيهِمْ سِواهُمْ، ومَنْ لَيْسَ مِنْهُمْ؟ قَالَ: «يُخْسَفُ بِأَولِهِمْ وآخِرِهِمْ، ثُمَّ يُبْعَثُونَ عَلَى نِيَّاتِهِمْ».

أَقُولُ قَوْلِي هَذَا وأَسْتَغْفِرُ اللهَ لي ولَكُم.

.

.

.

الخُطْبَةُ الثَّانِيَةُ:

الحَمْدُ لله والصَّلاةُ والسَّلامُ على رَسُولِ الله، وبَعْدُ:

عِبَادَ اللهِ:

إذا تَجَاوَزَ الإنسانُ الهَمَّ والإرادَةَ بأنْ أَفْسَدَ وأَلْحَدَ في بيتِ اللهِ الحَرَامِ، أو في مَكَّةَ المُكَرَّمَةِ، فماذا يكونُ عِقَابُهُ وعذابُهُ؟ إنه خِزْيٌ في الدُّنْيَا، وعذابٌ أَلِيمٌ وشَدِيدٌ في الآخرةِ؛ لأنَّ اللهَ عز وجل كَرَّمَ بَيْتَهُ العظيمَ، وجعل له مَنْزِلَةً ومَكَانَةً ليستْ لِغَيْرِهِ منَ الأماكِنِ، كما أن هَذِهِ الأهميَّةَ مُسْتَقِرَّةٌ في قلوب المؤمنينَ المُوَحِّدِينَ، وتَرْتَعُ في نُفُوسِهم، وتُؤَثِّرُ على أَقْوَالِهِم وأَفْعَالِهم؛ وبالتَّالِي لا يُقْدِمُونَ على أيِّ فِعْلٍ يَضُرُّ بأَمْنِهِ وأَمَانِهِ وطُمَأْنِينَتِهِ واسْتِقْرَارِه؛ يقول الله عز وجل:

﴿إِنَّ أَولَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبَارَكًا وهُدًى لِلْعَالَمِينَ * فِيهِ آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ مَقَامُ إِبْرَاهِيمَ ومَنْ دَخَلَهُ كَانَ آمِنًا﴾ [آل عمران: 96، 97].

ولِذَلكَ فإنَّ مَنْ كان في هذا الحَرَمِ يجبُ أن يكونَ آمِنًا، وأن يُؤَمَّنَ، ولا يَتَعَرَّضَ لأيِّ سُوءٍ، وبأيِّ حالٍ منَ الأحوالِ، واللهُ عز وجل يَقُولُ في كِتَابِه عن أَبِينَا إِبْرَاهِيمَ: ﴿رَبِّ اجْعَلْ هَذَا الْبَلَدَ آمِنًا واجْنُبْنِي وبَنِيَّ أَنْ نَعْبُدَ الْأَصْنَامَ﴾ [إبراهيم: 35].

ويقولُ في الآية الأُخْرَى عندما تَرَكَ ذُرِّيَّتَهُ بوادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ عِنْدَ بَيْتِه المُحَرَّمِ: ﴿رَبِّ اجْعَلْ هَذَا بَلَدًا آمِنًا وارْزُقْ أَهْلَهُ مِنَ الثَّمَرَاتِ﴾ [البقرة: 126].

وأَقْسَمَ اللهُ عز وجل بهذَا البَيْتِ الكَرِيمِ، ولا يُقْسِمُ اللهُ إلا بِعَظِيمٍ فقالَ: ﴿والتِّينِ والزَّيْتُونِ ١ وطُورِ سِينِينَ ٢ وهَذَا الْبَلَدِ الْأَمِينِ﴾ [التين: 1ـ3].

وأبلغُ من ذَلِكَ وأبْعَدُ أثرًا في النُّفُوسِ المُطْمَئِنَّةِ، والقُلُوبِ الصَّحِيحَةِ المُسْتَقِيمَةِ قـــولُ اللهِ عز وجل: ﴿لِإِيلَافِ قُرَيْشٍ ١ إِيلَافِهِمْ رِحْلَةَ الشِّتَاءِ والصَّيْفِ ٢ فَلْيَعْبُدُوا رَبَّ هَذَا الْبَيْتِ ٣ الَّذِي أَطْعَمَهُمْ مِنْ جُوعٍ وآمَنَهُمْ مِنْ خَوْفٍ﴾ [سورة قريش].

وثَبَتَ في «الصَّحِيحَيْنِ» أنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ فِيمَا رَوَاهُ أبو ذرٍّ رضي الله عنه: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ؛ أَيُّ مَسْجِدٍ وُضِعَ فِي الْأَرْضِ أَولًا؟ قَالَ: «الْـمَسْجِدُ الْـحَرَامُ»، قَالَ: قُلْتُ: ثُمَّ أَيُّ؟ قَالَ: «ثُمَّ الْـمَسْجِدُ الْأَقْصَى». قَالَ: قُلْتُ: كَمْ بَيْنَهُمَا؟ قَالَ: «أَرْبَعُونَ سَنَةً؛ فَأَيْنَمَا أَدْرَكَتْكَ الصَّلَاةُ فَصَلِّ، فَهُو مَسْجِـدٌ»، وثَبَـتَ أيضًا في «الصَّحِيحَيْنِ» حَـدِيثُ ابنِ عَـبَّــاسٍ رضي الله عنهما أن النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ يَوْمَ افْتَتَحَ مَكَّةَ: «لَا هِجْرَةَ، ولَكِنْ جِهَادٌ ونِيَّةٌ، وإِذَا اسْتُنْفِرْتُمْ فَانْفِرُوا؛ فَإِنَّ هَذَا بَلَدٌ حَرَّمَ اللهُ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاواتِ والْأَرْضَ، وهُو حَرَامٌ بِحُرْمَةِ اللهِ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ، وإِنَّهُ لَمْ يَحِلَّ الْقِتَالُ فِيهِ لِأَحَدٍ قَبْلِي، ولَمْ يَحِلَّ لِي إِلَّا سَاعَةً مِنْ نَهَارٍ؛ فَهُو حَرَامٌ بِحُرْمَةِ اللهِ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ؛ لَا يُعْضَدُ شَوْكُهُ، ولَا يُنَفَّرُ صَيْدُهُ، ولَا يَلْتَقِطُ لُقَطَتَهُ إِلَّا مَنْ عَرَّفَهَا، ولَا يُخْتَلَى خَلَاهَا».

قَالَ الْعَبَّاسُ: يَا رَسُولَ اللهِ، إِلَّا الْإِذْخِرَ؛ فَإِنَّهُ لِقَيْنِهِمْ ولِبُيُوتِهِمْ، قَالَ: قَالَ: «إِلَّا الْإِذْخِرَ».

وَفِي الحَدِيثِ الصَّحِيحِ أيضًا أن النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قالَ: «صَلَاةٌ فِي مَسْجِدِي هَذَا أَفْضَلُ مِنْ أَلْفِ صَلَاةٍ فِيمَا سِواهُ إِلَّا الْـمَسْجِدَ الْـحَرَامَ، وصَلَاةٌ فِي ذَاكَ أَفْضَلُ مِنْ مِئَةِ صَلَاةٍ فِي هَذَا؛ يَعْنِي: فِي مَسْجِدِ الْـمَدِينَةِ».

والنَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم وهو يُوَدِّعُ أُمَّتَهُ في حِجَّةِ الوَدَاعِ عَبْرَ تلك الخُطْبَةِ البَلِيغَةِ والوَثِيقَةِ الكَرِيمَةِ قالَ: «إِنَّ دِمَاءَكُمْ وأَمْوالَكُمْ وأَعْرَاضَكُمْ بَيْنَكُمْ حَرَامٌ؛ كَحُرْمَةِ يَوْمِكُمْ هَذَا، فِي شَهْرِكُمْ هَذَا، فِي بَلَدِكُمْ هَذَا»، فَأَيُّ عَظَمَةٍ أَعْظَمُ مِنْ هَذَا؟ وأيُّ مَكَانَةٍ أَكْرَمُ مِنْ هذهِ!! وأيُّ قِيمَةٍ ومَنْزِلَةٍ من المُمْكِنِ أن تُضَاهِيَ هَذَا؟! .

فكيف يَجْرُؤُ من له قَلْبٌ أو أَلْقَى السَّمْعَ وهو شَهِيدٌ أن يَفْعَلَ أيَّ فِعْلٍ يُخِيفُ الآمِنِينَ، ويُخِلُّ بأمنِ الحَرَمَيْنِ وبلادِهِما وبمُجْتَمَعِهِمَا؟ إنَّها الأهواءُ والبِدَعُ والخُرَافَاتُ والشِّعَارَاتُ والحَمَلاتُ الإعلاميَّةُ المُغْرِضَةُ ضِدَّ بلادِ الحَرَمَيْنِ، وقِبْلَةِ المسلمينَ، ومَهْوَى أَفْئِدَتِهم ومُتَطَلَّعِهِم، والمعينَةِ لقضايَاهُم، «المملكَةِ العربيَّةِ السُّعوديَّة».

المِحْورُ الثَّانِي: مَكَانَةُ المملَكَةِ العربيَّةِ السُّعُودِيَّةِ، ومَنْزِلَتُهَا على الْـمُسْتَوى الإِقْلِيمِيِّ والعَرَبِيِّ والإسْلَامِيِّ والدَّوْلِيِّ:

إنَّ مما يَفْخَرُ به كلُّ مُسْلِمٍ في مشارِقِ الأرضِ ومَغَارِبِها؛ وخاصَّةً أبناءَ هذه البلادِ والْـمُقِيمِينَ فيها، أَنَّهُمْ يَنْتَسِبُونَ إِلَيْهَا، ويعيشونَ عَلَى ثَرَاهَا، ويُدَافِعُونَ ويُنَافِحُونَ عنها باللِّسَانِ والسِّنَانِ وكلِّ ما يَسْتَطِيعُونَهُ من قَوْلٍ أو عملٍ؛ هذه البلادُ هي قِبْلَةُ المسلمينَ، ومَهْوى أَفْئِدَتِهِمْ، وبلادُ الحَرَمَيْنِ الشَّرِيفَيْنِ هي وطَنُ الإسلامِ؛ وطَنُ القرآنِ، وطَنُ السُّنَّةِ، وطَنُ التَّوْحِيدِ، خيرُ الأوطانِ.. وطَنٌ قام على الكِتَابِ والسُّنَّةِ، بلدٌ رَعَى العقيدةَ، وغَذَّاهَا، ونَمَّاهَا، وأَطَّرَهَا، وتَمَسَّكَ بها ونَشَرَهَا، ووَعَّى بِهَا، وعَمِلَ على تَرْسِيخِها وتَرْسِيَتِها في نُفُوسِ أَبْنَائِهِ وبناتِهِ، وكلِّ أرضٍ تَطَؤُهُ قَدَمُ دُعَاتِهِ وعُلَمائِهِ وأساتِذَتِه وأَئِمَّتِه وخُطَبَائِه دُونَ مِنَّةٍ أَوْ أَذًى.

هذه الدَّوْلَةُ جَعَلَتْ هَمَّهَا دَعْمَ الـمُسْلِمِينَ وقضاياهُمْ في مشارِقِ الأرضِ ومغاربِها.. هذه الدولَةُ أَقَامَتْ كلَّ ما يَعْنِي ويَخْدِمُ كتابَ اللهِ؛ تلاوةً، وحِفْظًا، وتفسيرًا، وتَأْوِيلًا من مُجَمَّعَاتٍ، ومُسَابقَاَتٍ، وحوافِزَ، وجوائِزَ داخليَّةٍ وخارجيَّةٍ. هذه الدولةُ أَقَامَتِ المراكزَ الإِغاثِيَّةَ، والخَدَمَاتِ الإنسانيَّةَ داخِلَ حُدُودِها، وفي كلِّ مكانٍ يُمْكِنُ أن يَصِلَ إليه هذا المدُّ الخَيِّرُ.

هذه الدولَةُ في نِظَامِها الأساسيِّ لِلْحُكْمِ في مادَّتِهِ الأُولَى والسَّابِعَةِ تَقُولُ: إنَّ كلَّ أَمْرٍ أو مادَّةٍ تُخَالِفُ الكتابَ والسُّنَّةَ في هذا النظامِ فَهِيَ غَيْرُ مَقْبُولَةٍ، ومَضْرُوبٌ بها عَرْضَ الحَائِطِ.. هذه الدولةُ وُلَاةُ أَمْرِها وعُلَماؤُها هُمْ قادَةٌ وسادَةٌ في العِلْمِ، والدَّعْوَةِ، والتَّوْجِيهِ، والْعِنَايَةِ بِكَتَابِ اللهِ عز وجل. هذهُ الدولةُ قَادَتُها، ووُلَاةُ أَمْرِها دائمًا في المُقَدِّمَةِ في رِعَايَةِ الحقُوقِ، والعَدْلِ، والإنْصَافِ، وإعطاءِ كُلِّ ذِي حَقٍّ حَقَّه، وهُمْ كذلك مَنْ يُرَسِّخُونَ مَبَادِئَ دِينِ الله وأحكامَهُ في كَلِمَاتِهم وتَوْجِيهَاتِهِم وأقوالِهم.

هذه الدولةُ وُلَاةُ أَمْرِها دائمًا وأبدًا يَبْحَثُونَ عما يحتاجُهُ صِغَارُ النَّاسِ قَبْلَ كَبِيرِهم؛ ضِعَافُهم قبل أَقْوِيَائِهِم؛ فُقَرَاؤُهم قبل أَغْنِيَائِهم.. هذهُ الدولةُ قُلُوبُ ولاةِ أمرِها ومَسْؤولِيها مفتوحةٌ قَبْلَ أبوابِها.

هذه الدَّوْلَةُ تَبْنِي ولا تَهْدِم، تُعْطِي ولا تَحْرِم، تَفِي ولا تَغْدِر؛ وهذا هو السِّرُّ في ثَبَاتِها، وقُوَّتِها، وعَظَمَتِها، وكَرَامَتِها، وعُلُوِّ شَأْنِها واستمرارِيَّتِها؛ الذي نسألُ اللهَ سبحانه وتعالى أن تَزْدَادَ، وأنْ تَنْمُوَ، وأن يَعْرِفَ أبْنَاؤُها قَدْرَهَا.

نسألُ اللهَ سبحانه وتعالى أنْ يَزِيدَنَا وإيَّاكُم تَوْفِيقًا وسَدَادًا وقِيامًا بِوَاجِبِه تِجَاهَ دِينِنَا ووطَنِنَا ووُلاةِ أَمْرِنا وعُلَمائِنا ومُجْتَمَعِنا.. اللهُمَّ آمِنَّا في أَوْطَانِنَا، وأَصْلِحْ أَئِمَّتَنَا، ووُلَاةَ أُمُورِنا، واجْعَلْ وِلَايَتَنَا فيمَنْ خَافَك واتَّقَاكَ واتَّبَعَ رِضاكَ، يا ربَّ العَالَمِينَ، اللهُمَّ اجْعَل هذا البَلَدَ آمِنًا مُطْمَئِنًّا سَخَاءً رَخَاءً، وسائِرَ بلادِ المسلمينَ.

اللهُمَّ وفِّقْ ولِيَّ أمرِنا خَادِمَ الحَرَمَيْنِ الشَّرِيفَيْنِ سَلْمَانَ بْنَ عَبْدِ العَزِيزِ، ووَلِيَّ عَهْدِه مُحَمَّدَ بْنَ سَلْمَان بنِ عبد العَزِيزِ، وتَوَلَّهُمْ بِرِعَايَتِكَ وعِنَايَتِك، اللهُمَّ احْفَظْنَا وإِيَّاهُم بِحِفْظِك، اللهُمَّ زِدْنَا وإِيَّاهُم نَصْرًا، وتَمْكِينًا، وسُؤْدَدًا، وقِيَامًا لكتابِ اللهِ، وسُنَّةِ رَسُولِهِ صلى الله عليه وسلم، وما كَانَ عَلَيْهِ سَلَفُ هذه الأمَّةِ، اللهُمَّ جَازِهِمْ خَيْرَ الجزاءِ على ما يُقَدِّمُونَهُ للإسلامِ والمسلمينَ.

اللهُمَّ انْصُرْ جُنُودَنَا الْبَوَاسِلَ، ورِجَالَ أَمْنِنَا في الْـحُدُودِ والثُّغُورِ وفِي وسَطِ الْبِلَادِ، اللهُمَّ انْصُرْهُمْ عَلَى عَدُوِّكَ وعَدُوِّهِمْ وعَدُوِّنَا، اللهُمَّ ثَبِّتْ أَقْدَامَهُمْ، اللهُمَّ ارْبِطْ عَلَى قُلُوبِهِمْ وعَلَى جَأْشِهِمْ، اللهُمَّ سَدِّدْ سِهَامَهُمْ وأَقْوَالَهُمْ وأَفْعَالَهُمْ، اللهُمَّ قَوِّ عَزَائِمَهُمْ، اللهُمَّ اجْعَلْ مَا يَقُومُونَ بِهِ مِنْ حِمَايَةٍ لِدِينِ اللهِ وبِلَادِ التَّوْحِيدِ ورِجَالِ أَمْنِهَا ومُجْتَمَعِهَا في مِيزَانِ حَسَنَاتِهِمْ.

اللهُمَّ اجْعَلْ مَا يَقُومُونَ بِهِ جِهَادًا في سَبِيلِكَ، اللهُمَّ احْفَظْنَا وإِيَّاهُمْ مِنْ بَيْنِ أَيْدِينَا ومِنْ خَلْفِنَا وعَنْ يَمِينِنَا وعَنْ شِمَالنَا ومِنْ فَوْقِنَا، ونَعُوذُ بِعَظَمَتِكَ أَنْ نُغْتَالَ وإِيَّاهُمْ مِنْ تَحْتِنَا.

اللهُمَّ مَنْ أَرَادَنَا وإيَّاهُمْ بِسُوءٍ فَاشْغَلْهُ بِنَفْسِه، واجْعَلْ كَيْدَهُ في نَحْرِه، واجْعَلْ ما يُقَدِّمُونَهُ من دِفَاعٍ وحِفَاظٍ على بِلادِ السُّنَّةِ في ميزانِ حَسَنَاتِهم، اللهُمَّ رُدَّهُمْ إِلَيْنَا وإِلَى أَهْلِهم سَالِمينَ غَانِمِينَ رَابِحِينَ مُطْمَئِنِّينَ، وزِدْنَا عِلْمًا، وفِقْهًا، وحِكْمَةً، ويَقِينًا، وإِيمانًا، وتَوْفِيقًا، وصَبْرًا، ومُصَابَرَةً، وهُدًى، وبَصِيرَةً، واسْتِقَامَةً على دِينِكَ يا ربَّ العَالمِينَ، وآخِرُ دَعْوَانَا أنِ الحَمْدُ لِـلَّهِ ربِّ العَالمِينَ، وصَلَّى اللهُ وسَلَّمَ وبَارَكَ على نَبِيِّنَا محمدٍ.