الحمد لله الذي أذهب البأس، ووهب لباس التقوى فهو خير لباس. صدقت مواعيده فما توالت كالأنفاس. وسبقت رحمته غضبه فالرجا للعبد خير من اليأس. تفرد في وحدانيته فلا شك فيها ولا التباس. ومن آياته أن خلق وصور، وشق السمع والبصر وجميع الإحساس. فسبحان رب الناس، ملك الناس، إله الناس. أحمده سبحانه، وحمده عنوان السعادة. وأشكره وعلى الشكر وعد الزيادة. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له شهادة أتقلدها يوم القيامة والعمل بها يومئذ قلادة.
وأشهد أن محمدا عبده ورسوله الذي ظللت عليه الغمامة، ودلت بين كتفيه العلامة، وسبح الحصى في كفه، وفقه الناس كلامه. فكم من معجزة له وكم من كرامة! اللهم صل على محمد وعلى آله وأصحابه، أهل النجدة والشهامة، وسلم تسليما كثيرا.
أما بعد فيا أيها الناس، اتقوا الله تعالى وأطيعوه. عباد الله شدوا الرحال، فقد قرب الارتحال. وأصلحوا الأعمال، فقد قربت الآجال. وأعدوا الجواب فقد وجب السؤال. فبينما المرء مغرور بتقلبه، مغمور بتكسبه، إذ تبدى له ملك الموت الذي كان عنه محتجبا، فقضى فيه بالذي به أمره قبل شهادة السمع والبصر، يوم الوعد والوعيد، يوم الخجل والوجل من رب العبيد، يوم يقول لجهنم: هل امتلأت؟ وتقول: هل من مزيد؟ فالحذر الحذر! فمن نجا منها إنه لسعيد.
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم { وَقَالَ قَرِينُهُ هَذَا مَا لَدَيَّ عَتِيدٌ أَلْقِيَا فِي جَهَنَّمَ كُلَّ كَفَّارٍ عَنِيدٍ مَنَّاعٍ لِلْخَيْرِ مُعْتَدٍ مُرِيبٍ الَّذِي جَعَلَ مَعَ اللَّهِ إِلَهاً آخَرَ فَأَلْقِيَاهُ فِي الْعَذَابِ الشَّدِيدِ قَالَ قَرِينُهُ رَبَّنَا مَا أَطْغَيْتُهُ وَلَكِنْ كَانَ فِي ضَلالٍ بَعِيدٍ قَالَ لا تَخْتَصِمُوا لَدَيَّ وَقَدْ قَدَّمْتُ إِلَيْكُمْ بِالْوَعِيدِ مَا يُبَدَّلُ الْقَوْلُ لَدَيَّ وَمَا أَنَا بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ يَوْمَ نَقُولُ لِجَهَنَّمَ هَلِ امْتَلأْتِ وَتَقُولُ هَلْ مِنْ مَزِيدٍ وَأُزْلِفَتِ الْجَنَّةُ لِلْمُتَّقِينَ غَيْرَ بَعِيدٍ هَذَا مَا تُوعَدُونَ لِكُلِّ أَوَّابٍ حَفِيظٍ مَنْ خَشِيَ الرَّحْمَنَ بِالْغَيْبِ وَجَاءَ بِقَلْبٍ مُنِيبٍ ادْخُلُوهَا بِسَلامٍ ذَلِكَ يَوْمُ الْخُلُودِ لَهُمْ مَا يَشَاءُونَ فِيهَا وَلَدَيْنَا مَزِيدٌ }.
بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم.
أقول قولي هذا وأستغفر الله العظيم الجليل لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنب، فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.