الحمد لله الولي فلا ولي من دونه ولا واق. الغني فلا تنفد خزائنه على كثرة الإنفاق. يحلم على من عصى، وينتقم بما لا يحصى، ولا يكلف ما لا يطاق. أحمده وله الحمد وحده على الاستحقاق. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، شهادة من ذاق طعم الإيمان فوجده حلو المذاق.
وأشهد أن محمدا عبده ورسوله أرسله بالهدى ودين الحق، ففتح به قلوبا غلفا، وأعينا عميا، وآذانا صما، ليس للحق إليها استطراق. اللهم صل على محمد وعلى آله وأصحابه صلاة دائمة بالعشي والإشراق، وسلم تسليما ...
أما بعد فيا عباد الله، اتقوا الله تعالى. ولا تجعلوا الدنيا أكبر همكم ومبلغ علمكم. واعتبروا بمن مضى قبلكم من الأمم الخالية، أهل المراتب العالية، كيف طحنتهم الدنيا طحن الحصيد، وأسكنتهم بعد القصور بطن الصعيد. سبقونا بتقضي الأعمار، ونحن على الآثار. فرحم الله امرأ لم يجعل الدنيا على باله، واشتغل بالآخرة فكانت أهم اشتغاله. واستعدوا رحمكم الله للموت وأعماله، والقبر وأهواله، والملك وسؤاله، والرب وجلاله، وهل يعطى كتابه بيمينه أو بشماله، وهل يدعى إلى النعيم وظلاله، أم إلى الجحيم وأغلاله. والله يقول وأصدق القول مقاله.
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم { فَأَمَّا مَنْ طَغَى وَآثَرَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا فَإِنَّ الْجَحِيمَ هِيَ الْمَأْوَى وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَى }.
بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم، ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم.
أقول قولي هذا وأستغفر الله العظيم الجليل لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنب، فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.