خطبة 22 ( قصيرة عن عشر ذي الحجة )

شيخ الإسلام محمد بن عبدالوهاب

الحمد لله مشرف الأيام والشهور بعضها على بعض، ومصرف الأحكام بالإبرام والنقض، وموقظ القلوب الغافلة بالتذكير والوعظ، الرب المالك الذي ليس لربوبيته تغير ولا إزالة، الإله الحق الذي ليست الإلهية الحق إلا له. أحمده سبحانه على ما أولاه من إحسانه وإفضاله، وأشكره على جزيل بره ونواله.

وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له في ربوبيته وإلهيته وصفات كماله، شهادة أرجو بها النجاة من شدائد يوم الفزع وأهواله.

وأشهد أن محمدا عبده ورسوله الذي أنعم الله على جميع أهل الأرض ببعثه وإرساله. اللهم صل على عبدك ورسولك محمد، وعلى جميع أصحابه وآله، وسلم تسليما كثيرا.

أما بعد فيا أيها الناس، اتقوا الله تعالى حق التقوى، والتمسوا من الأعمال ما يحب ويرضى، واعلموا أنكم في شهر كريم، وموسم عظيم، لا سيما هذه العشر المباركات، فإنهن الأيام المعلومات، التي أقسم الله بها في محكم الآيات. فاغتنموها رحمكم الله بالمسارعة في الأعمال الصالحات، والإكثار من الحسنات، فإن الحسنات يذهبن السيئات.

عباد الله:

هذه أيام مضاعفة الحسنات، هذه أيام إجابة الدعوات، هذه أيام الإفاضات والنفحات، هذه أيام عتق الرقاب الموبقات، وهذه مواسم الأرباح والمجاهدات عند ذوي الهمم العاليات، فأكثروا فيها من التسبيح والتحميد والتهليل والتكبير والاستغفار والتوبة والإقلاع من الذنوب والسيئات، ولا تذهب الأعمار منكم في الغفلات، والتمادي في الشهوات، فتندموا حين لا تنفع الندامات.

فقد ثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: "ما من أيام العمل الصالح أحب إلى الله فيهن من هذه الأيام العشر. قالوا: يا رسول الله، ولا الجهاد في سبيل الله. قال: ولا الجهاد في سبيل الله، إلا رجل خرج بنفسه وماله، ولم يرجع من ذلك بشيء".

وعنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: "صيام يوم عرفة أحتسب على الله أن يكفر السنة التي قبله والسنة التي بعده".

أعوذ بالله من الشيطان الرجيم { سَابِقُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا كَعَرْضِ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ أُعِدَّتْ لِلَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ }.

بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم، ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم.

أقول قولي هذا وأستغفر الله العظيم الجليل لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنب، فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.