الإسلام دين الشمولية واستيعاب النوازل

الشيخ سليمان أبا الخيل

الخُطْبَةُ الأُولَى: 

إنَّ الحمدَ للهِ، نحمَدُه ونَشْكُرُه، ونَسْتَعِينُه ونَسْتَهْدِيهِ ونَتُوبُ إليه، ونَعُوذُ به مِنْ شُرُورِ أنفُسِنا ومِنْ سيِّئاتِ أعمالِنا، مَنْ يَهْدِهِ اللهُ فلا مُضِلَّ له، ومَنْ يُضْلِلْ فلا هاديَ له، وأَشْهَدُ أنْ لا إلهَ إلَّا اللهُ، وحْدَهُ لا شَرِيكَ له، وأَشْهَدُ أنَّ محمدًا عَبْدُه ورسولُه، صلَّى الله عليه، وعلى آلهِ وصحابَتِه، وسَلَّمَ تسليمًا كثيرًا.

أمَّا بَعْدُ:

﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ ((١٠٢)) وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلاَ تَفَرَّقُوا وَاذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُم بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا وَكُنتُمْ عَلَى شَفَا حُفْرَةٍ مِّنَ النَّارِ فَأَنقَذَكُم مِّنْهَا﴾  [آل عمران: 102-103].

﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا ((٧٠ )) يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَن يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا﴾  [الأحزاب: 70-71].

عِبَادَ الله:

جَعَلَ اللهُ سبحانه وتعالى دِينَ الْإِسْلَامِ الدِّينَ الْخَاتَمَ؛ وخَتَمَ بِهِ الرِّسَالَاتِ السَّمَاوِيَّةَ؛ فَكَانَ النَّبِيُّ مُحَمَّدٌ صلى الله عليه وسلم آخِرَ نَبِيٍّ يُبْعَثُ بَيْنَ يَدَيِ السَّاعَةِ، وكَانَ الْقُرْآنُ الْكَرِيمُ آخِرَ كِتَابٍ يَنْزِلُ إِلَى خَيْرِ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ؛ فِيهِ تَفْصِيلُ كُلِّ شَيْءٍ؛ هُدًى ورَحْمَةٌ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ.

وَلِأَنَّ هَذَا الدِّينَ لَا دِينَ بَعْدَهُ؛ جَعَلَهُ اللهُ سبحانه وتعالى دِينًا يَتَّصِفُ بِالْكَمَالِ والتَّمَامِ والصَّلَاحِ؛ يَصْلُحُ لِكُلِّ زَمَانٍ، ولِكُلِّ مَكَانٍ إِلَى قِيَامِ السَّاعَةِ؛ مَهْمَا تَبَدَّلَتِ الْأَحْوَالُ، وتَغَيَّرَتِ الْأُمَمُ، واسْتُحْدِثَتِ النَّوَازِلُ.

إِنَّنَا حِينَ نَتَأَمَّلُ في أُسُسِ هَذَا الدِّينِ؛ في عِبَادَاتِهِ، وفِي مُعَامَلَاتِهِ، نَجِدُهُ قَدِ اسْتَوْعَبَ كُلَّ الْأُمُورِ، وكُلَّ الْـحَالَاتِ، وعَالَجَ كُلَّ الْـمشْكِلَاتِ، لَمْ يَتْرُكْ شَارِدَةً ولَا وارِدَةً إِلَّا وبَيَّنَهَا؛ فَمَا مِنْ خَيْرٍ إِلَّا ودَلَّنَا عَلَيْهِ، ولَا شَرٍّ إِلَّا وحَذَّرَنَا مِنْهُ، وهَذَا مَا أَخْبَرَ بِهِ مَنِ اخْتَارَهُ، واصْطَفَى رَسُولَهُ، فَقَالَ سُبْحَانَهُ:   ﴿ونَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَانًا لِكُلِّ شَيْءٍ﴾ [النحـل: 89]، وقـال: ﴿مَا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِنْ شَيْءٍ ﮆ﴾  [الأنعام: 38]، واللهُ سُبْحَانَهُ لَهُ أَنْ يَصْطَفِيَ مَا شَاءَ مِنَ الْعِبَادَاتِ والْأَزْمِنَـةِ والْأَمَـاكِنِ والْأَشْخَـاصِ: ﴿ورَبُّكَ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ ويَخْتَارُ﴾  [القصص: 68].

قَالَ الْإِمَامُ الشَّافِعِيُّ رحمه الله: «فَلَيْسَتْ تَنْزِلُ بِأَحَدٍ مِنْ دِينِ اللهِ نَازِلَةٌ إِلَّا وفِي كِتَابِ اللهِ الدَّلِيلُ عَلَى سَبِيلِ الْهُدَى فِيهَا».

وَفِي الْأَثَرِ عَنْ أَبِي ذَرٍّ، قَالَ: «تَرَكَنَا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم، ومَا طَائِرٌ يَطِيرُ بِجَنَاحَيْهِ إِلَّا عِنْدَنَا مِنْهُ عِلْمٌ».

وَمِنْ حِكْمَةِ اللهِ جَلَّ وعَلَا أَنَّ نُصُوصَ الشَّرِيعَةِ وقَوَاعِدَهَا ومَقَاصِدَهَا فِيهَا مِنَ الشُّمُولِيَّةِ والْـمرُونَةِ مَا يَسْتَوْعِبُ الْـمسْتَجَدَّاتِ والنَّوَازِلَ والْقَضَايَا الْـحَادِثَةَ إِلَى قِيَامِ السَّاعَةِ، لَا يَشِذُّ عَنْهَا شَيْءٌ مِنْ تَصَرُّفَاتِ الْـمكَلَّفِينَ. ودَوْرُ الْعُلَمَاءِ والْـمجْتَهِدِينَ النَّظَرُ في هَذِهِ النَّوَازِلِ بِمَا مَكَّنَهُمُ اللهُ بِقُدُرَاتٍ وإِمْكَانَاتٍ، وتَوْظِيفُ مَا يَسْتَجِدُّ مِنْ تِقْنِيَّاتٍ وعُلُومٍ ومَعَارِفَ ومُكْتَسَبَاتٍ، وبَذَلُ الْجُهْدِ في فَهْمِ واقِعِهَا، وتَصَوِّرِهَا وإِدْرَاكِهَا عَلَى وجْهٍ صَحِيحٍ؛ حَتَّى يَظْهَرَ حُكْمُ اللهِ في كُلِّ نَازِلَةٍ، ويَحْصُلُ الْبَيَانُ لِلنَّاسِ؛ عَلَى اعْتِبَارِ أَنَّ هَذِهِ وِرَاثَةُ الْعُلَمَاءِ عَنِ الْأَنْبِيَاءِ.

وَمَا مِنْ شَكٍّ أَنَّ الْـحَيَاةَ الْـمدَنِيَّةَ سَجَّلَتْ تَطَوُّرًا مُذْهِلًا، وقَفْزَةً مَعْلُومَاتِيَّةً، وصُورَةً مُتَقَدِّمَةً مِنَ التِّقْنِيَّاتِ الْـمعَاصِرَةِ أَثَّرَتْ بِدَوْرِهَا عَلَى مَجَالَاتِ الْـحَيَاةِ الْـمخْتَلِفَةِ، وهِيَ آفَاقٌ واسِعَةٌ تَتَطَلَّبُ تَضَافُرَ جُهُودِ الْعُلَمَاءِ والْبَاحِثِينَ والْـمخْتَصِّينَ في بَيَانِهَا، وتَنْزِيلِ حُكْمِ اللهِ فِيهَا، وهَذَا دَوْرٌ لَا يُمْكِنُ أَنْ يُدْرَكَ بِالْـمقَدِّمَاتِ الْفِقْهِيَّةِ، والْجَوَانِبِ التَّأْصِيلِيَّةِ فَحَسْبُ، بَلْ صَارَ التَّخَصُّصُ سِمَةَ الْعَصْرِ، وأَصْبَحَ التَّخَصُّصُ الْوَاحِدُ يُمَارَسُ مِنْ خِلَالِ تَفْرِيعَاتٍ كَثِيرَةٍ، ومِنَ الْقَوَاعِدِ الْـمقَرَّرَةِ أَنَّ الْـحُكْمَ عَلَى الشَّيْءِ فَرْعٌ عَنْ تَصَوُّرِهِ؛ ومِنْ هُنَا كَانَ لِهَذِهِ الْجَامِعَةِ الْعَرِيقَةِ جَامِعَةِ الْإِمَامِ مُحَمَّدِ بْنِ سُعُودٍ الْإِسْلَامِيَّةِ إِسْهَامٌ فَاعِلٌ في مُعَالَجَةِ الْقَضَايَا الْـمعَاصِرَةِ عَبْرَ وحَدَاتِهَا وفَعَّالِيَّاتِهَا ومَرَاكِزِ الْبَحْثِ فِيهَا، ومِنْ خِلَالِ أَعْضَاءِ هَيْئَةِ التَّدْرِيسِ فِيهَا؛ الَّذِينَ أَسْهَمُوا ويُسْهِمُونَ بِعِلْمِهِمْ وخِبْرَتِهِمْ ومُعَايَشَتِهِمْ لِكَثِيرٍ مِنَ الْقَضَايَا الْـمعَاصِرَةِ في تَقْدِيمِ رُؤْيَةٍ مُؤَثِّرَةٍ في الْـمعَالَجَةِ، وهِيَ جُهُودٌ تُبْرِزُ السِّيَاسَةَ الَّتِي تَقُومُ عَلَيْهَا الْجَامِعَةُ الْهَادِفَةُ إِلَى الْـموَاءَمَةِ بَيْنَ الْأَصَالَةِ والْـمعَاصَرَةِ؛ أَصَالَةُ الْـمبَادِئِ والْأُسُسِ والثَّوَابِتِ، ومُعَاصَرَةُ الْأَسَالِيبِ والْـمنَاهِجِ والطَّرَائِقِ؛ فَهِيَ تَسْتَمِدُّ قُوَّتَهَا مِنْ عَرَاقَتِهَا، وسَعْيِهَا لِخِدْمَةِ الْأُسُسِ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهَا هَذِهِ الْبِلَادُ الْـمبَارَكَةُ والْوَطَنُ الْآمِنُ، وتَعْمَلُ عَلَى مُوَاكَبَةِ التَّطَوُّرَاتِ، والسَّعْيِ إِلَى الرِّيَادَةِ الْعَالَمِيَّةِ في رُؤْيَةٍ شُمُولِيَّةٍ تَعْتَمِدُ الْـماضِيَ، وتَسْتَشْرِفُ آفَاقَ الْـمسْتَقْبَلِ الْبَعِيدِ، وقَدْ أَثْمَرَتْ هَذِهِ السِّيَاسَةُ تَوَسُّعَ الْجَامِعَةِ في أَهْدَافِهَا ومُنْطَلَقَاتِهَا ورِسَالَتِهَا بِمَا يَخْدِمُ الثَّوَابِتَ الَّتِي قَامَتْ عَلَيْهَا؛ لِتَعْزِيزِ هَذَا الدَّوْرِ الرِّيَادِيِّ مِنْ خِلَالِ إِنْشَاءِ الْكُلِّيَّاتِ الْجَدِيدَةِ، الَّتِي تُعْنَى بِالْعُلُومِ التَّجْرِيبِيَّةِ، كَمَا أَنْشَأَتْ عَدَدًا مِنْ مَرَاكِزَ الْبُحُوثِ لِخِدْمَةِ الْقَضَايَا الْـمعَاصِرَةِ، ولَعَلَّ أَبْرَزَ شَاهِدٍ عَلَى ذَلِكَ احْتِضَانُهَا مَرْكَزَ الْـملِكِ عَبْدِ اللهِ لِلدِّرَاسَاتِ الْإِسْلَامِيَّةِ وحِوَارِ الْـحَضَارَاتِ؛ الَّذِي يَضُمُّ عَدَدًا مِنَ الْوَحَدَاتِ تُعْنَى بِالْجَوَانِبِ الْـمخْتَلِفَةِ لِلْقَضَايَا الْـمعَاصِرَةِ، وكَذَلِكَ مَرْكَزُ التَّمَيُّزِ الْبَحْثِيِّ في فِقْهِ الْقَضَايَا الْـمعَاصِرَةِ، ومَا صَدَرَتْ مُوَافَقَةُ سَمَاحَةِ مُفْتِي عَامِّ الْـممْلَكَةِ، رَئِيسِ هَيْئَةِ كِبَارِ الْعُلَمَاءِ عَلَيْهِ مِنْ إِنْشَاءِ كُرْسِيِّ بَحْثٍ مُتَخَصِّصٍ بِاسْمِ سَمَاحَتِهِ يُعْنَى بِالْقَضَايَا الْفِقْهِيَّةِ الْـمعَاصِرَةِ، وهَذَا جُزْءٌ مِنْ جُهُودِ هَذِهِ الْجَامِعَةِ في خِدْمَةِ الْقَضَايَا الْـمعَاصِرَةِ، وامْتِدَادًا لِهَذَا الدَّوْرِ الرَّئِيسِ، وتَحْقِيقًا لِهَدَفِ الْجَامِعَةِ في خِدْمَةِ الْـمجْتَمَعِ ومُشْكِلَاتِهِ ونَوَازِلِهِ، وأَدَاءً لِرِسَالَةِ الْجَامِعَةِ في تَقْدِيمِ الْـحُلُولِ لِمُخْتَلِفِ الْـمشْكِلَاتِ الْـمعَاصِرَةِ فَقَدْ وجَّهَتْ فَعَّالِيَّةً مِنْ أَبْرَزَ الْفَعَّالِيَّاتِ الَّتِي تَشْهَدُهَا الْجَامِعَةُ لِمُعَالَجَةِ قَضَايَا نَازِلَةٍ، ومَسَائِلَ حَادِثَةٍ في مَجَالٍ مِنْ أَهَمِّ وأَبْرَزِ الْـمجَالَاتِ الَّتِي تَرْتَبِطُ بِالْـحَيَاةِ، إِنَّهَا الْقَضَايَا الطِّبِّيَّةُ ذَلِكَ الْعَالَمُ الْـمتَفَرِّعُ الْـمتَشَعِّبُ الْـمتَطَوِّرُ، الَّذِي لَا نُبَالِغُ إِنْ قُلْنَا: إِنَّهُ يَشْهَدُ تَطَوُّرَاتٍ يَوْمِيَّةً لِقَضَايَاهُ وتَخَصُّصَاتِهِ، وهُوَ بِحَاجَةٍ إِلَى رُؤْيَةٍ تَكَامُلِيَّةٍ تَجْمَعُ الْخِبْرَةَ الطِّبِّيَّةَ، والنَّظْرَةَ الشَّرْعِيَّةَ لِمُتَابَعَةِ التَّطَوُّرِ الَّذِي يَسْتَلْزِمُ بَيَانَ الْـحُكْمِ الشَّرْعِيِّ الْـمؤَصَّلِ فِيهِ.

أَقُولُ قَوْلِي هَذَا وأَسْتَغْفِرُ اللهَ لِي ولَكُمْ.

.

.

.

الخُطْبَةُ الثَّانِيَةُ: 

الْـحَمْدُ لِـلَّهِ، والصَّلاةُ والسَّلامُ على رَسُولِ الله، وبَعْدُ:

إِيمَانًا مِنْ جَامِعَةِ الْإِمَامِ مُحَمَّدِ بْنِ سُعُودٍ الْإِسْلَامِيَّةِ بِضَرُورَةِ الِاطِّلَاعِ عَلَى مَا يُسْتَجَدُّ مِنْ تَطَوُّرَاتٍ أَوْ مُسْتَجَدَّاتٍ مِنْ شَأْنِهَا أَنْ تُؤَثِّرَ عَلَى الدِّرَاسَاتِ الْفِقْهِيَّةِ الْـحَدِيثَةِ؛ فَقَدْ دَعَتْ إِلَى عَقْدِ مُؤْتَمَرٍ فِقْهِيٍّ طِبِّيٍّ يُشَارِكُ فِيهِ نُخْبَةٌ مِنَ الْعُلَمَاءِ والْبَاحِثِينَ والْـمتَخَصِّصِينَ والْأَطِبَّاءِ الْـمُتَمَيِّزِينَ مِنْ دَاخِلِ الْـممْلَكَةِ وخَارِجِهَا، لِتَقْدِيمِ حُلُولٍ نَاضِجَةٍ، ورُؤًى مُتَمَيِّزَةٍ، وكَانَتْ الِاسْتِجَابَةُ مِنْهُمْ كَمَا هُوَ مُتَوَقَّعٌ؛ حَيْثُ تَفَاعَلَ الْـمعْنِيُّونَ بِهَذِهِ الْقَضَايَا مَعَ الدَّعْوَةِ، ولَقِيَتِ اسْتِجَابَةً كَبِيرَةً، وقَدَّمَتْ لِلْمُؤْتَمَرِ أَبْحَاثًا كَثِيرَةً مُتَمَيِّزَةً، أُخْضِعَتْ لِقَوَاعِدِ ومَعَايِيرِ التَّحْكِيمِ الْعِلْمِيِّ الْـمُعْتَادِ في مِثْلِ هَذِهِ الْـمُنَاسَبَاتِ، وهِيَ إِضَافَاتٌ تَسْتَحِقُّ الْإِشَادَةَ، تُقَدِّمُ لِلْمُهْتَمِّينَ بِالدِّرَاسَاتِ الْفِقْهِيَّةِ الطِّبِّيَّةِ مَادَّةً خَصْبَةً تَتَنَاوَلُ بِالْعَرْضِ والتَّحْلِيلِ والِاسْتِنْبَاطِ أَهَمَّ هَذِهِ الْقَضَايَا الَّتِي مَا زَالَتْ بِحَاجَةٍ إِلَى مَزِيدِ نَظَرٍ وتَأَمُّلٍ؛ لِتَكُونَ الِاسْتِنْبَاطَاتُ الْفِقْهِيَّةُ مُوَاكَبَةً لِلتَّطَوُّرَاتِ الطِّبِّيَّةِ.

وَفِي الْخِتَامِ فَإِنَّ هَذِهِ الْفَعَّالِيَّةَ الْـمُبَارَكَةَ والْـمؤْتَمَرَ الْهَامَّ لَمْ يَكُنْ لِيَنْعَقِدَ ونَرَاهُ واقِعًا لَوْلَا فَضْلُ اللهِ أَوَّلًا، ثُمَّ تِلْكَ الْأَيَادِي الْبَيْضَاءُ، والدَّعْمُ اللَّامَحْدُودُ والْوَقَفَاتُ الْـمشْهُودَةُ مِنْ وُلَاةِ أَمْرِنَا الْأَوْفِيَاءِ، وقِيَادَتِنَا الْـحَكِيمَةِ.

عبادَ اللهِ:

صَلُّوا وسَلِّمُوا على خَيْرِ عبادِ اللهِ، الرحمةِ المُهداةِ، والنِّعْمَةِ المُسْدَاةِ، محمدٍ صلى الله عليه وسلم ، اللهُمَّ صَلِّ وسَلِّمْ وزِدْ وبارِكْ على نَبِيِّنا محمدٍ، وارْضَ اللهُمَّ عَنْ خُلَفَائِهِ الرَّاشِدِين، وصَحابَتِه الغُرِّ المَيَامِينِ، اللهُمَّ أَعِزَّ الإسلامَ والمسلمينَ، اللهُمَّ أَعِزَّ الإسلامَ والمسلمينَ، اللهُمَّ أَعِزَّ الإسلامَ والمسلمينَ، وأَذِلَّ الشِّرْكَ والمشركينَ، ودَمِّرْ أَعْدَاءَكَ أعداءَ الدِّينِ، اللهم اجْعَلْ هذا البلدَ آمِنًا مُطْمَئِنًّا سَخَاءً رَخَاءً وسائِرَ بلادِ المسلمينَ.

اللهُمَّ آمِنَّا في أَوْطَانِنا، وأَصْلِحْ أئِمَّتَنا ووُلَاةَ أُمُورِنا، اللهُمَّ وفِّقْ وليَّ أَمْرِنا خَادِمَ الحرمينِ الشريفينِ سلمانَ بنَ عبدِ العزيزِ ووليَّ عَهْدِه الأمين بتَوْفِيقِكَ، واكْلَأْنَا وإيَّاهُمْ بِعِنَايَتِكَ ورعايتِكَ، وأَلْبِسْنا وإيَّاهُمْ ثَوْبَ الصِّحَّةِ والعافيةِ، وزِدْنا وإيَّاهُمْ عِزًّا ونَصْرًا وتمْكِينًا وقِيامًا بكِتَابِكَ وبسُنَّةِ رَسُولِكَ صلى الله عليه وسلم ، وما كَانَ عليه سَلَفُ هذه الأمةِ.

اللهُمَّ انْصُرْ جُنُودَنا البَوَاسِلَ، ورِجَالَ أَمْنِنا دَاخِلَ البلادِ، وعلى الحدودِ والثُّغُورِ، اللهُمَّ انْصُرْهُمْ ومَكِّنْ لهمُ، اللهُمَّ ثَبِّتْ قلوبَهُمْ، وارْبِطْ على جأشِهِمْ، واخْذُلْ عَدُوَّهُمْ، وزِدْهُمْ قُوَّةً وبصيرةً، واحْفَظْنَا وإيَّاهُمْ مِنْ بَيْنِ أيْدِينا ومِنْ خَلْفِنا، وعنْ أَيْمَانِنَا، وعَنْ شَمَائِلِنَا، ومِنْ فَوْقِنا، ونَعُوذُ بِكَ أنْ نُغْتَالَ وإيَّاهُمْ مِنْ تَحْتِنا.

اللهُمَّ إنَّا نَعُوذُ بِكَ مِنْ جَهْدِ البلاءِ، ودَرَكِ الشقاءِ، وسُوءِ القَضَاءِ، وشَمَاتَةِ الأعداءِ، وغَلَبَةِ الدَّيْنِ، وقَهْرِ الرجالِ. اللهُمَّ إنَّا نَعُوذُ بِكَ مِنَ الجُبْنِ والبُخْلِ، والهَمِّ والحَزَنِ والكَسَلِ، اللهُمَّ اهْدِنَا لِأَحْسَنِ الأقوالِ والأعمالِ والأخلاقِ، لا يَهْدِي لِأَحْسَنِها إلَّا أنتَ، واصْرِفْ عنَّا سَيِّئَها، لا يَصْرِفُ عنَّا سَيِّئَها إلَّا أنتَ، اللهُمَّ زِدْنَا تَوْفِيقًا وعِلْمًا، وارْزُقْنَا الإخلاصَ والاحْتِسَابَ في القولِ والعَمَلِ، واحْفَظْ بِلادَنا، وأَدِمْ أَمْنَنَا، ورَغَدَ عَيْشِنا، واسْتِقْرَارَنا، وأَبْعِدْ عنَّا كلَّ حاسدٍ وحاقدٍ وفاسِدٍ،

وآخِرُ دَعْوَانَا أَنِ الْـحَمْدُ لِلَّـهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ.