خطبة 18 ( قصيرة ) ( ختام رمضان وزكاة الفطر )

شيخ الإسلام محمد بن عبدالوهاب

لله جامع الناس ليوم لا ريب فيه، عالم ما يسره العبد وما يخفيه، أحصى عليه خطرات فكره وكلمات فيه. من توكل عليه كفاه ووجد كفايته خيرا من توقيه، ومن تواضع له رفعه وزاد بقدر تواضعه في ترقِّيه، أحمده سبحانه وأتوب إليه وأستغفره وأستهديه.

وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له خالق كل شيء وهاديه.

وأشهد أن محمدا عبده ورسوله معلم الإيمان وداعيه، اللهم صل على محمد وعلى آله وصحبه ومن حمدت في الإسلام سيرته ومساعيه، وسلم تسليما كثيرا.

أما بعد فيا أيها الناس، اتقوا الله تعالى والتمسوا من العمل ما يحبه ويرضيه، وسارعوا إلى مغفرته وجنته، فالمؤمن من يرجو الله ويتقيه، ولا تتبعوا خطوات الشيطان؛ فإنه يضل من اتبعه ويغويه، ويأمره بالفحشاء والمنكر وإلى طريق الجحيم يهديه. عباد الله هذه العبر تمر بكم كل وقت وحين. وكتاب الله يقص عليكم نبأ المكذبين والمعرضين، ويحذركم ما نزل بمن عصى رسله من الجبارين والمتكبرين. { وَكَمْ أَهْلَكْنَا مِنْ قَرْيَةٍ بَطِرَتْ مَعِيشَتَهَا فَتِلْكَ مَسَاكِنُهُمْ لَمْ تُسْكَنْ مِنْ بَعْدِهِمْ إِلَّا قَلِيلاً وَكُنَّا نَحْنُ الْوَارِثِينَ } .

عباد الله، هذا شهر الصيام قوضت خيامه، وتصرمت أوقاته وأيامه. فمن أحسن فعليه بالإتمام، والشكر لله على التوفيق والإسلام، ومن فرط وأضاع فيما مضى من الأيام، فعليه بالتوبة وحسن الختام، فإن الأعمال بخواتيمها.

وعنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: "أول هذا الشهر رحمة، وأوسطه مغفرة، وآخره عتق من النار" .

واعلموا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم فرض صدقة الفطر على الذكر والأنثى، والحر والعبد، والصغير والكبير.

ففي الصحيح عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: "كنا نعطيها زمن النبي صلى الله عليه وسلم صاعا من طعام، أو صاعا من تمر، أو صاعا من شعير، أو صاعا من زبيب، أو صاعا من أقط " .

ووقتها يوم العيد قبل الصلاة، ويجوز إخراجها قبله بيوم أو يومين.

أعوذ بالله من الشيطان الرجيم {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُلْهِكُمْ أَمْوَالُكُمْ وَلا أَوْلادُكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ وَأَنْفِقُوا مِنْ مَا رَزَقْنَاكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ فَيَقُولَ رَبِّ لَوْلا أَخَّرْتَنِي إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ فَأَصَّدَّقَ وَأَكُنْ مِنَ الصَّالِحِينَ وَلَنْ يُؤَخِّرَ اللَّهُ نَفْساً إِذَا جَاءَ أَجَلُهَا وَاللَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ}.

بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم، ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم.

أقول قولي هذا وأستغفر الله العظيم الجليل لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنب، فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.