الخطبة الأولى:
الحمد لله العليم يعلم الجهر والأسرار الدفينة، ينزل على عمار المساجد السكينة، وأشهد أن لا إله إلا الله أمرنا عند الصلاة بأخذ الزينة، وأشهد أن سيدنا محمد عبده ورسوله، حن الجذع إليه وأنّ حتى سمع الناس أنينه، صلى الله عليه وسلم عدد من وطئ مكة أو المدينة، ورضي الله عن آله وأصحابه أهل التوحيد والسنة والطمأنينة.
أما بعد فيا عباد الله، اتقوا الله وعظموا دينه، قال ربنا سبحانه {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ أَمَنُوا تَّقُوا الله حَقَّ تُقَاتِه وَلاَ تَمُوتُونَّ إلاَّ وَأَنْتُمْ مُسْلِمُون} .
عباد الله:
إن الله أذن ببناء المساجد، ومدح عمارها ووعدهم بالإكرام، قال سبحانه: {فِي بُيوتٍ أَذِنَ الله أَن تُرْفَعَ وَ يُذَكَرُ فِيهَا اسْمُه يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَ الأَصَال رِجَالٌ لَا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَ لَا بِيعٌ عَنْ ذِكْر الله وَإِقَامِ الصَّلَاةِ وَإيتَاءِ الزَّكَاةِ يَخَافُونَ يومًا تَتَقَلَّبُ فِيهِ القُلُوبَ وَ الأَبَصَارْ لِيَجْزِيَهُمْ الله أَحْسَنَ مَا عَمِلُوا وَيَزِيدَهُمْ مِنْ فَضْلِهِ وَالله يَرْزُقُ مَنْ يَشَاءُ بِغِيرِ حِسَاب}.
و أمرنا ربنا سبحانه وتعالى بأخذ الزينة عند كل مسجد {يا بني آدم خذوا زينتكم عند كل مسجد}، وليس أخذ الزينة يا عباد الله خاصا بالصلاة في المساجد، بل في كل صلاة، حتى لو صلى الانسان وحده، بل لو صلى في قعر بيته.
وأخذ الزينة عند الصلاة يا عباد الله قسمان:
واجب يأثم الانسان بتركه، وهو ستر العورة، وأن يضع الرجل شيئا من ثوبه على عاتقيه، قال النبي صلى الله عليه وسلم ((لا يصلين أحدكم في الثوب الواحد ليس على عاتقيه منه شيء)).
والقسم الثاني: كمال وسنة ومستحب، يزداد به الأجر في الصلاة، وهو أن يكون الثوب حسنا طيبا، قال النبي صلى الله عليه وسلم ((إذا صلى أحدكم فليصلي في ثوبيه، فإن الله أحب من يُتَزَينُ له)).
كانت العادة في زمن النبي صلى الله عليه وسلم، أن كمال الزينة أن يلبس الرجل ثوبين إزارًا ورداء، فيلبَسُ رداءا ووزرة أو سراويل، فالسنة يا عباد الله، أن يلبس الرجل والمصلي عند صلاته أفضل ثيابه، وأحسن ثيابه، فإن الله أحق من يتزين له.
ومن كمال الزينة يا عباد الله، أن يغطي الرجل رأسه في الصلاة، بما جرت العادة به، فإن النبي صلى الله عليه وسلم ما كان يصلي حاسرا رأسه، وكان السلف يكرهون أن يصلي الرجل حاسرا رأسه، رأى ابن عمر رضي الله عنهما غلاما له يصلي حاسر الرأس، فقال له: هل تخرج للناس هكذا؟ فقال: لا، قال: فالله أحق من يُتَجملُ له.
وحث النبي صلى الله عليه وسلم المسلم، على أن يتخذ ثوبين ليوم الجمعة غير ثوب مهنته، لما يشوب ثوب المهنة من الوسخ والروائح، فقال صلى الله عليه وسلم: ((ما على أحدكم أن يشتري ثوبين ليوم الجمعة سوى ثوب مهنته)).
واعلموا عباد الله، أن النساء يُؤذن لهن في الخروج إلى المساجد بشرط، أن لا يتبرجن بزينة، وأن لا يكون ثوبهن الظاهر زينة، وأن لا يتطيبن بما له رائحة، قال النبي صلى الله عليه وسلم: ((لا تمنعوا إماء الله مساجد الله، وليخرجن وهن تفلات)).
عباد الله، إنكم في الصلاة تقفون بين يدي ربكم، وإن ربكم جميل يحب الجمال، ومن الجمال حسن الثوب، قال رجل لرسول الله صلى الله عليه وسلم: أرأيت الرجل يحب أن يكون نعله حسنا، وثوبه حسنا، فقال النبي صلى الله عليه وسلم، ((إن الله جميل يحب الجمال)).
ألا فاتقوا الله عباد الله، وعظموا شأن الصلاة، وكونوا في صلاتكم على أكمل هيئة، وأجمل زينة، لعلكم تفلحون.
أقول ما تسمعون، وأستغفر الله العظيم لي ولكم من كل ذنب فاستغفروه، إنه هو الغفور الرحيم.
.
.
.
الخطبة الثانية:
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، أما بعد:
فيا عباد الله، إعلموا أن من كمال الزينة أن يتطيب الرجل إذا أراد أن يذهب إلى المسجد، فإن النبي صلى الله عليه وسلم كان يتطيب وكان يحب الطيب، أفلا تفعل يا عبد الله ما كان نبيك صلى الله عليه وسلم يحبه.
ومن كمال الزينة يا عباد الله، أن المصلِي إذا أراد أن يصلي، يُطيب فمه بالسواك، فقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يتسوك ويكثر من السواك ويحب السواك، وقال صلى الله عليه وسلم: ((لو لا أن أشق على أمتي لأَمرتهم بالسواك مع كل وضوء)). وقال صلى الله عليه وسلم: ((لو لا أن أشق على أمتي لأمرتهم بالسواك مع كل صلى)).
فَيُسَنُّ لك يا عبد الله أن تتسوك عند الوضوء وأن تتسوك عند إرادة الصلاة.
و اعلموا عباد الله أن من الزينة الواجبة لمن يريد أن يذهب الى المسجد، أن يتجنب الروائح الكريهة كرائحة البصل والثوم و الكرات والدخان و غيرها من الروائح التي تؤذي من في المسجد من الملائكة و الناس، قال النبي صلى الله عليه وسلم: ((من أكل بصلا أو ثوما أو كراتا فلا يقربن مساجدنا، فإن الملائكة تتأذى من ما يتأذى منه بنوا آدم))، وقال صلى الله عليه وسلم: ((من أكل البصل أو الثوم فليعتزل مساجدنا و ليقعد في بيته)).
و كان الرجل يا عباد الله في زمن رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا جاء الى المسجد ووجدت منه رائحة البصل أو الثوم أخذ بيده فأُخرج من المسجد.
ألا فاتقوا الله عباد الله، وخذوا زينتكم عند كل صلاة لعلكم تُرْحَمُون.
ثم اعلموا رحمني الله وإياكم أن الله أمرنا بأمرٍ عظيم جميل، تزكوا به نفوسنا، وتزداد به أجورنا، ونقوم فيه ببعض حق نبينا صلى الله عليه وسلم، فقال سبحانه: ((إنَّ الله ومَلاَئِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِي يَا أَيُّهَا اللَّذِينَ أَمَنُوا صَلُّوا عَلَيهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا)).
ويتأكد هذا الأمر يا عباد الله في يوم الجمعة، قال النبي صلى الله عليه وسلم: ((إن من أفضل أيامكم يوم الجمعة فيه خلق آدم وفيه قبض وفيه النفخة وفيه الصعقة، فأكثروا من الصلاة علي فيه فأن صلاتكم معروضة علي)).
فاللهم صلي على محمد ...
اللهم إنَّا ظلمنا أنفسنا ظلما كثيرا و لا يغفر الذنوب إلا أنت فاغفر لنا مغفرة من عندك وارحمنا إنك أنت الغفور الرحيم.
يا ربنا يا ربنا يا ربنا اتينا بيتك ونحن نحمل أوزارنا على ظهورنا ونرجوا رحمتك يا ربنا اللهم فاجعلنا نخرج من هذا المسجد وقد غفرت لنا أجمعين، اللهم اغفر لنا ولوالدينا ولأهلنا ولذرياتنا ولأحبابنا ولأقاربنا ولجراننا أجمعين.
يا ربنا إنَّا نخاف يوما عبوسا قمطريرا فاكفنا شر ذلك اليوم يا رب العالمين، يا ربنا إنَّا نخاف يوما تتقلب فيه القلوب والأبصار فاكفنا شر ذلك اليوم يا رب العالمين.
يا ربنا إنَّا نخاف عذابك فأَمِنَّا من عذابك يا رب العالمين، يا ربنا إنَّا نخاف غضبك فلا تغضب علينا يا أرحم الراحمين، لا تغضب علينا يا أرحم الراحمين، لا تغضب علينا يا أرحم الراحمين، اللهم أنزل رحمتك والسكينة علينا يا رب العالمين، اللهم بارك لنا في أعمارنا، وبارك لنا في أعمالنا، وبارك لنا في عافيتنا، وبارك لنا في أموالنا، وبارك لنا في بيوتنا، وبارك لنا في أهلينا، وبارك لنا في ذرياتنا، وبارك لنا في أموالنا، وبارك لنا في كل نعمةٍ أنعمت بها علينا يا رب العالمين، وبارك لنا في بلادنا وبارك لنا في ولاة أمرنا واحفظنا أجمعين يا رب العالمين.
اللهم زد خادم الحرمين الشريفين عافية و توفيقا و سدادا و رحمة يا رب العالمين.
اللهم ووفق ولي عهده إلى ما تحب وترضى زده نشاطا وقربه إلى الخير وقرب الأخيار منه يا رب العالمين، واكفه شر كلَّ ذي شر يا رب العالمين.
ربنا آتِنَا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة و قنا عذاب النار، اللهم يا ربنا حرم هذه الوجوه على النار يا رب العالمين، اللهم لا تدخل منها أحدًا النار يا رب العالمين.
فاللهم صلي على محمد