حادث التفجير !!

الشيخ عبدالسلام بن برجس

عباد الله:

لقد سمعتم جميعا نبأ الحادث [حـادث الانفجار ] الذي وقع في مدينة الرياض، وسمعتم استنكار العالم بأجمعه لهذا الحادث الأليم؛ فالمؤمن والكافر والبر والفاجر يستنكر هذا الجرم القبيح والعمل المقيت.

فمن يكون وراء هذا الحادث ـ إذن ؟! .

إنه رجل انسلخ من دينه، وتجرد من معاني الإنسانية؛ فهو شيطان مارد في صورة إنسان، لا دين يردعه، ولا خلق يدفعه، لا شفقة ولا رحمة، ولا رأفة ولا عطف؛ «فحسبه جهنم ولبئس المهاد» [البقرة: ٢٠٦] مفسد في الأرض «والله لا يحب المفسدين» [المائدة: 64]، ظالم «والله لا يحب الظالمين» [آل عمران: 57، 140]، معنـد «إن الله لا يجـب الـمعتدين» [البقرة: 190، المائدة: 87]، خـائن «إن اللـه لا يجب الخائنين» [الأنفال: 58].

عباد الله:

أبشروا وأملوا؛ فإن الله عنـد حسـن ظـن عبـده بـه، سوف ينكشف المجرم، وسوف يحصل لـنـا ثـواب المصيبة، وسوف نأخذ العبر والعظات من هذا الحادث الأليم.

واعلموا أن هذا الحادث وإن كان ظاهره الشر المحض، إلا أن الله ـ تعالى ـ رحيم بعباده؛ فلا يخليه من فائدة تعود على هذه الأمة في دينها أو دنياها، كما وقع ذلك في حادث الإفك، قال ـ تعالى ـ: «لا تحسبوه شرا لكم بل هو خير لكم لكل امرئ منهم ما اكتسب من الإثم والذي تولى كبره منهم له عذاب عظيم» [النور: ۱۱].

لقد اشتمل هذا الحادث المروع على جرائم عديدة وأعمال شنيعة؛ اشتمل على إتلاف الأنفس، وإتلاف الأموال، وترويع الآمنين، وإخلال أمن هذه الأمة.

كيف يُقْدم مسلم يؤمن بالله واليوم الآخر على قتل مسلم ظلما وعدوانا والله ـ تعالى ـ يقول: «ومن يقتل مؤمنا متعمدا فجزاؤه جهنم خالدا فيها وغضب الله عليه ولعنه وأعد له عذابا عظيها» [النساء: ۹۳]؟! .

كيف يُقْدم مسلم على قتل كافر معاهد دخل ديارنا بأمان أو هدنة والنبي - صلى الله عليه وسلم ـ يقول: «من قتل معاهدا؛ لم يرح رائحة الجنة، وإن ريحها ليوجد من مسيرة أربعين عاما»، أخرجه البخاري ومسلم عـن عبـد الله بن عمرو ؟! .

وأخرج الإمام أحمد في (المسند) عن أبي بكرة - رضي الله عنه ـ أن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ قال: «من قتل نفسا معاهدة؛ حرم الله عليه الجنة أن يشم ريحها».

كيف يُقْدم مسلم يؤمن بالله واليوم الآخر على ترويع الآمنين والنبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ يقـول كمـا في (المسند) وغيره: «لا يحل لمسلم أن يروع مسلما» ؟!

عباد الله:

إن هذه البلاد ـ بحمد الله ـ بلاد أمن واستقرار، بلاد قامت على دين الله، ونشأت تدعو إلى الله ــ جـل وعلا ، قامت داعية إلى الـتـوحـيـد، مـخـلـصـة لله، آمرة بالمعروف ناهيـة عـن الـمنكر، طاهـرة مـن كـل مظاهر الشرك والإلحاد، وهذا هو سـر أمنـهـا واستقرارها؛ «الذين آمنوا ولـم يلبسوا إيمائهم بظلم أولـئـك لـهم الأمن وهم مهتدون» [الأنعام: ٨٢].

فنحن ـ بحمد الله ـ في نعمة عظيمة خصنا الله ـ جل وعلا ـ بها دون أكثر البشر في هذا الزمن؛ فـدين الله قـائم، وشرعه مُحَكَّم، والأمن مستبب، والعيش رغد، والأسعار رخيصة.. وهلم جرا من مظاهر الخير والبر.

فواجبنا جميعا أن نحافظ على هذه النعمة، وأن نرعاها، بشكر الله ـ جل وعلا ـ عليها، وبصرفها فيما يرضيه ـ تبارك وتعالى ـ عنا، وأن نكون يدا واحدة مع قادتنا في حماية أمن هذا البلد واستقراره، والأخـذ عـلى يـد الـعـابثين بهذا الأمن كائنا من كانوا، وبذلك نُرضي ربنا ـ سُبحانه وتعالى .، ونؤدي الواجب الذي افترضه الله - سبحانه وتعالى ـ علينا.

أيها المسلمون:

اضربوا الأرض ـ شرقا وغربا، وجنوبا وشمالا ـ هل تجدون مثل هذه البلاد؟! لا ـ والله الذي لا إله غيره ـ لا نجد مثلها؛ لا في دينها، ولا في استقرارها، ولا في رغد عيشها.

فماذا يريد العابثون؟! وماذا يطلبون؟!! أبلغ بهم الحقد والحسد إلى هذه المنزلة: أن يعتدوا على الآمنين، ويخلوا بأمن العباد والبلاد؟!!!

لا شك أن الله ـ جل وعلا ـ لهم بالمرصاد؛ سوف ينتقم منهم انتقاما عاجلًا وآجلًا.

وما علينا إلا أن نتضرع إليه ـ تعالى ــ كل وقت وحين، وأن نسأله بأسمائه الحسنى وصفاته العـلا أن يعجل بكشف هؤلاء، وأن يمكن منهم، وأن يمكـن مـن هـؤلاء الجبناء؛ ليقيم الشرع المطهـر علـيـهـم حده، يطهـرهـم مـن الذنب العظيم الذي اقترفوه.

فيا أيها المسلمون:

واجب كل مؤمن في هذه الأرض من أهلها أو من خارجها أن يسعى مع الولاة في البحث عـن هؤلاء المجرمين؛ فإذا وجد خبرا عنهم نبأ بهم فورا؛ احتسابا وطلبا للثواب من الله - سبحانه وتعالى -. فإن لم يقدر على ذلك؛ توجه إلى سهام الليل، ودعا الله - سبحانه وتعالى ـ أن يسهل كشف هؤلاء المجرمين. وأبشروا؛ فإن الـدعـوة مـسـتـجـابـة ـ إن شاء الله ـ؛ لأنها دعـوة مظلوم، ودعوة المظلوم مستجابة کما قـال النبي ـ عليه أفضل الصلاة والتسليم -.