الـخطبة الأولى:
إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضلّ له، ومن يضللْ فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أنّ محمدًا عبدُه ورسولُه.
{يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ ٱتَّقُواْ ٱللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِۦ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنتُم مُّسۡلِمُونَ}.
{يَٰٓأَيُّهَا ٱلنَّاسُ ٱتَّقُواْ رَبَّكُمُ ٱلَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفۡسٍ وَٰحِدَة وَخَلَقَ مِنۡهَا زَوۡجَهَا وَبَثَّ مِنۡهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَآءً وَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ ٱلَّذِي تَسَآءَلُونَ بِهِۦ وَٱلۡأَرۡحَامَۚ إِنَّ ٱللَّهَ كَانَ عَلَيۡكُمۡ رَقِيبًا}.
{يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ ٱتَّقُواْ ٱللَّهَ وَقُولُواْ قَوۡلًا سَدِيدًا يُصۡلِحۡ لَكُمۡ أَعۡمَٰلَكُمۡ وَيَغۡفِرۡ لَكُمۡ ذُنُوبَكُمۡۗ وَمَن يُطِعِ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُۥ فَقَدۡ فَازَ فَوۡزًا عَظِيمًا}.
أما بعدُ، فاتقوا الله يا عباد الله!
واعلموا أن تقوى الله -عزّ وجلّ-: سببٌ من أسباب النجاة والرزق، يقول الله -جلّ وعلا-: {وَمَن يَتَّقِ ٱللَّهَ يَجۡعَل لَّهُۥ مَخۡرَجًا وَيَرۡزُقۡهُ مِنۡ حَيۡثُ لَا يَحۡتَسِبُۚ}.
أيها المسلمون: لقد اعتنت الشريعةُ الإسلاميّةُ بالأسرة عنايةً فائقةً، وقد تضافرت نصوص القرآن والسنة في التأكيد على أهمية الأسرة؛ ذلك أن الأسرة هي اللَّبِنَةُ الأولى من لَبِنَات المجتمع، فإذا صَلَحَت الأسرة، صَلَح الـمجتمع بإذن الله -عزّ وجلّ-.
والمتأمّل في هذه الشريعة، يجد بأن عنايتها بالأسرة لا تتوقف على بداية الاقتران بين الزوجين، بل إنها قبل ذلك؛ فالله -جلّ وعلا- ذكر من آياته: هذا الزواج، الذي يُمثّل آية عظيمة من آيات الله -عز وجل-، قال سبحانه وتعالى: {وَمِنۡ ءَايَٰتِهِۦٓ أَنۡ خَلَقَ لَكُم مِّنۡ أَنفُسِكُمۡ أَزۡوَٰجًا لِّتَسۡكُنُوٓاْ إِلَيۡهَا وَجَعَلَ بَيۡنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحۡمَةًۚ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَأٓيَٰتٍ لِّقَوۡمٍ يَتَفَكَّرُونَ}.
ثم إن الله -جلّ وعلا- أمرَ الناس بأن يَسعَوْا في هذه السُّنة التي هي من سننه -جلّ وعلا وتقدّس-، يقول سبحانه وتعالى: {وَٱللَّهُ جَعَلَ لَكُم مِّنۡ أَنفُسِكُمۡ أَزۡوَٰجًا وَجَعَلَ لَكُم مِّنۡ أَزۡوَٰجِكُم بَنِينَ وَحَفَدَةً}.
وذكر عن أنبيائه ورسله: أنهم سعَوْا في تكوين الأُسَر، واستيلاد الأولاد، في إشارة إلى أنها سُنّةٌ من سنن الله الكونية حتى يبقى دَالُوبُ الحياة يدور، حتى يأذن الله -جلّ وعلا- بانقضاء الدنيا.
وحينما نتأمل في نصوص القرآن والسنة، نجد بأن الشريعةَ جاءتْ مهتمَّةً بـهذه الأسرة، لتكون أسرةً صالحةً طيبةً، بإذن ربـّها -جلّ وعلا وتقدّس-.
وإن أول خَطوةٍ يخطوها الرجل، وتخطوها الـمرأة: هي مسألة حُسنِ الاختيار.
يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «الدنيا متاع، وخير متاعها: المرأة الصالحة».
ويقول عليه الصلاة والسلام: «تُنكَح المرأةُ لأربع: لمالها ولجمالها ولـحَسَبِهَا ولدينها، فاظفرْ بذات الدين تَرِبَتْ يداك».
ويقول عليه الصلاة والسلام لأولياء البنات: «إذا خطب إليكم من ترضون دينَه وخُلُقَه، فزوّجُوه، إلا تفعلوا تكنْ فتنةٌ في الأرض وفساد عريض».
ولا شكّ بأن صلاح الأزواج وصلاح الزوجات: أهمُّ عاملٍ في صلاح الأسرة، أهمّ عاملٍ في صلاح الأسرة.
وَلَيْسَ النَبْتُ يَنْبُتُ في جِنَانٍ * كمِثْلِ النَبْتِ يَنْبُتُ في الفَلَاةِ
وهَلْ يُرجَى لأَطْفالٍ صلاحٌ * إذا ارتَضَعوا ثُديَّ الناقصاتِ
ويَنشأُ نَاشئُ الفتيان فينا * على ما كان عَوَّدَهُ أبوهُ
وما دان الفتى بِحِجًى * ولكن يُعلّمُهُ التَدَيُّنَ أقْرَبُوهُ
الأمر الآخر يا عباد الله!:
المتأمّل في نصوص سنة النبي صلى الله عليه وسلم، يجد بأن قضية الزواج لا ينبغي أن تتوقف على قضية إفراغ الشهوة، أو جعلِ الجسد يستمتع، بل لا بدَّ من أن يكون هذا محفوفًا بذكر الله -عزّ وجلّ-.
فقد صحّ عنه صلى الله عليه وسلم، وهو يتحدّث عن الحالة الحميميّة بين الزوجين، والخاصّةِ بينهما: ألَّا ينسيَا ذكرَ الله -عز وجل-، حتى لا يكونَ للشيطان حظٌّ ولا نصيبٌ بهذه النطفة التي ربما تَخَلَّقَ منها الولد.
يقول عليه الصلاة والسلام: «ما على أحدكم إذا أتى أهله أن يقول: "بسم الله، اللهم جَنِّبْنَا الشيطان، وجنّبِ الشيطانَ ما رزقتنا" فإنْ يُقدَّرْ بينهما ولدٌ، لا يَـمسُّه شيطانٌ أبدًا».
كذلك عبادَ الله، إذا نزل المولود إلى هذه الدنيا، فإن هناك جملةً من السُنَن والعبادات يقوم بـها الوالد، حتى يبقى هذا الولد محفوفًا بعناية الله عز وجل.
منها: التأذين في أُذُنه اليمنى.
يقول أبو رافع: «رأيت النبي صلى الله عليه وسلم أَذَّنَ في أُذُن الحسن حينما وُلِد»، فحينما يقرعُ سمعُ هذا الولد هذا الأذان، وهذه الجُمَل، ويتسلّل إلى قلبه، فإنه سبب من أسباب طرد الشيطان عنه بإذن الله -جلّ وعلا-.
ثم بعد ذلك: العقيقة:
والتي هي حقٌّ للمولود على والده، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «كل غلام رهينة بعقيقته، يُذبح عنه يومَ سابعه ويُسمَّى».
والعقيقة أيها المؤمنون، حينما يُريق دمَها الأبُ، إنما يُعلن الشكر لله -عزّ وجلّ-، الذي وهب وأعطى هذه النسمة وهذا المولود، فللغلام شاتان، وللجارية شاة، كما أمر بذلك نبيُّنا صلى الله عليه وسلم.
ومن الأمور التي اهتمّت بها الشريعة فيما يتعلق بتربية الأولاد والعناية بـهم، منذ اللحظات الأولى: اختيارُ الاسم الحسن، ذلك أن للاسم الحسن تأثيرًا على المولود، وللاسم القبيح تأثيرًا خطيرًا على المولود.
يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «أَحَبُّ الأسماء إلى الله: عبدُ الله وعبد الرحمن».
وكان عليه الصلاة والسلام يدعو إلى التسمية بأسماء الأنبياء.
وكان عليه الصلاة والسلام يَحُثّ على الأسماء، التي فيها معنى العمل ،والشجاعة، والقوة، وعلوّ الهمة، يقول: «وأصدقُها: حارثٌ وهمّام».
ويُخبر عليه الصلاة والسلام عن بني إسرائيل أنهم كانوا يُسمَّون بأسماء أنبيائهم وصالحيهم.
فاعتنوا يا عباد الله باختيار الاسم الحسن لأولادكم.
كذلك عبادَ الله، من اهتمام الشريعة بالأسرة: دعوة الوالدين إلى أن يُكثر من الدعاء للذرية، قبل وجودها، وأثناء وجودها، فهذا زكريا يقول: {رَبِّ هَبۡ لِي مِن لَّدُنكَ ذُرِّيَّةً طَيِّبَةً}.
انظروا عبادَ الله، لم يتوقف على طلب الذرية فقط، بل طلب صلاح الذرية، وطلب طيب الذرية، "ذريةً طيبة".
والنبي صلى الله عليه وسلم يقول: «ثلاث دعوات مستجابات»، وذكر منها: «دعوة الوالد لولده». والوالد هنا: الأم والأب. دعوة الوالد لولده مستجابة.
ولذلك عباد الرحمن يقولون: {رَبَّنَا هَبۡ لَنَا مِنۡ أَزۡوَٰجِنَا وَذُرِّيَّٰتِنَا قُرَّةَ أَعۡيُنٍ وَٱجۡعَلۡنَا لِلۡمُتَّقِينَ إِمَامًا}.
وإبراهيم عليه السلام يقول: {رَبِّ ٱجۡعَلۡنِي مُقِيمَ ٱلصَّلَوٰةِ وَمِن ذُرِّيَّتِيۚ رَبَّنَا وَتَقَبَّلۡ دُعَآءِ}.
وإن من أخطَرِ ما تتعرّض له بعضُ الأسر: هذا الدعاء الجائر، من بعض الآباء والأمهات على أولادهم، بسبب مشاكسات، أو بسبب مخالفات، أو بسبب أشياء تستفزّ مشاعرَ الوالدين، فيقومان بالدعاء على أولادهم، فلا يُحَصِّلون خيرًا؛ ولذلك قال عليه الصلاة والسلام: «لا تدعوا على أنفسكم، ولا على أولادكم، ولا على خدمكم! لعلكم توافقون ساعة إجابة، فتُرزَقُون».
والمعنى: أنك تندم ولات ساعةَ مندم، فاتقوا الله يا عباد الله، واحذروا من الدعاء على أولادكم، حتى لو صدر منهم ما يُوجب الغضب: ادعُوا لهم بالهداية؛ فإن أبواب السماء مفتوحة.
نعم عباد الله، هكذا ينبغي للإنسان أن يتعامل مع أولاده.
كذلك أيها المؤمنون، من أهمّ ما ينبغي العنايةُ بالأولاد والأسرة: ما يتعلق بقضية التربية العقائدية، والبناء الأخلاقي لهؤلاء الأولاد، فإنك مسؤولٌ عنهم يوم القيامة، كما أنهم مسؤولون عنك عند الله -عزّ وجلّ-.
يقول الله جل وعلا: {يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ قُوٓاْ أَنفُسَكُمۡ وَأَهۡلِيكُمۡ نَارًا وَقُودُهَا ٱلنَّاسُ وَٱلۡحِجَارَةُ عَلَيۡهَا مَلَٰٓئِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَّا يَعۡصُونَ ٱللَّهَ مَآ أَمَرَهُمۡ وَيَفۡعَلُونَ مَا يُؤۡمَرُونَ}.
يقول النبي صلى الله عليه وسلم -وقد أردف ابن عباس خلفه على الدابّة-: «يا غلام، احفظِ اللهَ يحفظْكَ، احفظِ اللهَ تجدْه تُجاهك، إذا سألتَ فاسأل اللهَ، وإذا استعنتَ فاستعِنْ بالله، واعلمْ أن ما أصابك لم يكن ليُخطئك، وما أخطأك لم يكن ليصيبك، وأن الأمة لو اجتمعتْ على أن ينفعوك بشيء، لم ينفعوك إلا بشيء قد كتبه الله لك، وإن اجتمعوا على أن يضرُّوك بشيء، لم يضروك إلا بشيء قد كتبه الله عليك، رُفعت الأقلام، وجفّت الصُحُف».
يا لها من نصيحة! ويا لها من تربية! تربيةٌ تجعل هذا الغلام عاليَ الهمّة، وهكذا كانت مُخْرَجَات هذه النصيحة: أن تَخَرّجَ ابنُ عباس، فأصبح حبرًا لهذه الأمة، وترجمانَ للقرآن رضي الله تعالى عنه وأرضاه.
ويقول النبي صلى الله عليه وسلم: «مُروا أولادكم بالصلاة وهم أبناء سبع سنين، واضربوهم عليها وهم أبناء عشر، وفرّقوا بينهم بالمضاجع».
فلا تَكفي عباد الله، لا تُعذَر أمام الله -عزّ وجلّ-: أن تقوم بالتربية الـجُثمانية الجسدية؛ فإن التربية الروحية، والتربية القلبية، مقدَّمةٌ على التربية الجسدية، وستُسأل عن ولدك يوم القيامة،كما أنه سيُسأَل عنك.
للحديث بقية، أُرجئه إلى الخطبة الثانية.
أقول ما تسمعون، وأستغفر الله لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنب وخطيئة، ويا فوزَ المستغفرين.
.
.
.
الخطبة الثانية:
الحمد لله وكفى، وصلى الله وسلم وبارك على النبي المصطفى، وعلى من بأثره اقتفى، إلى يوم الحشر والمنتهى.
أما بعد، فاتقوا الله يا عباد الله، واعلموا أن مجالات الاهتمام بالأسرة: لا تَقِفُ عند حدّ، فلا تضبطها أقلام الكُتَّاب، ولا تدخل تحت الحساب، وما جاء في نصوص القرآن والسنة كفايةٌ لمن ألقى السمع وهو شهيد.
ومن الأمور التي يجب على ربّ الأسرة -سواء كان أبا أو أما- أن يهتمّ بها تجاه أولاده: أن يحصّنهم من كل ما من شأنه أن يضرّ بدينهم، أو بأخلاقهم، أو بسلوكيّاتهم، ونحن في زمن نحتاج أن نرفع مستوى الحذر، وأن نكون على مستوى المسؤولية تجاه أولادنا من البنين والبنات.
ذلك أننا في عالـَم فضائي مفتوح، فنحتاج -عبادَ الله- أن نزيد من جرعة الاهتمام، وأن نزيد من كثرة الجلوس والحضور مع أولادنا وبينِهِم.
وأن نُشغل أوقاتـَهم بما هو نافع في دينهم، وفي دنياهم، وفي أبدانهم، وفي عقولهم وأفكارهم، نهتم لذلك؛ فإن هذا يدخل ضمن عملية التربية التي أُنِيْطَتْ بأعناق أولياء أمور الأولاد.
كذلك عبادَ الله، من الأشياء المهمة: تكريس مسألة العادات والتقاليد، التي لا تتنافى مع الشريعة الإسلامية، بل إنـها تتناغم معها وتتّفق معها؛ ذلك أن الاعتزاز بالهوية الوطنية، وبالعادات -عادات البلد-: هذه من الأمور التي دلّت عليها عمومات نصوص القرآن والسنة، فاهتمّوا بأولادكم، والـْحَظُوا ما عندهم من تغيُّرات، فإن هذا أمرٌ ستُسألون عنه يوم القيامة.
عبادَ الله:
إن الاهتمام بالأسرة من أهمّ ما جاءتْ به نصوص القرآن والسنة، ولذلك تضافرتْ، وتكاثرت، واتّحدت، واجتمعتْ على الاهتمام بهذا الأمر.
وإن المسألة نفعها عظيمٌ، سواءً على المستوى الأُسَريّ، أو المجتمعيّ، أو الأُمَمِيّ، كذلك الأُخرويّ.
فأنت يا عبدَ الله، متى خلّفتَ ولدًا صالحًا، فقد خلّفتَ خيرًا يستمرّ لك في قبرك إلى أن تقوم الساعة، فهذا نبيُّنا صلى الله عليه وسلم يقول: «إذا مات ابنُ ادم، انْقَطَعَ عملُه إلا من ثلاث» وذكر من الثلاث: «ولدٌ صالح يدعو له».
كذلك أخبر النبي عليه الصلاة والسلام: «أن الرجل تُرفع له الدرجة في الجنة»، فيقول: «مِن أين هذا؟»، يقال له: «خَلَّفْتَ ولدًا صالحًا يدعو لك».
فاللهَ اللهَ يا عباد الله بالاهتمام بهذا الجيل.
هذا الجيل يحتاج منا أن نهتم به اهتمامًا يزيد عن اهتمام الأجيال السابقة، وذلك لما ذكرت.
تابعوهم وراقبوهم ووجّهوهم، واختاروا لهم الصُّحبة الصالحة الطيبة؛ فإن للصحبة تأثيرًا قويًّا في سلوك الأولاد؛ ومما يدل على ذلك ما جاء في الكتاب والسنة من ذكر الصحبة، والنبي عليه الصلاة والسلام يقول: «المرء على دين خليله، فلينظر أحدُكم من يُخَالِل».
وضرب النبي صلى الله عليه وسلم مثلًا بالصديق الصالح والصديق السيء، يقول النبي عليه الصلاة والسلام: «مثل الجليس الصالح وجليس السوء: كحامل المسك ونافخ الكير، فحامل المسك: إما أن يُحذيَك، وإما أن تبتاع منه، وإما أن تجد منه ريحا طيبة، ونافخ الكير: إما أن يُحرق ثيابك، وإما أن تجد منه ريحًا كريهة».
نعم عبادَ الله هذه هي الصحبة.
أنت بالناس تُقاسُ * بالذي اخترتَ خليلَا
فاصحبِ الأخيار تعلُ * وتنلْ ذكرًا جميلَا
الجميع مدعو إلى التكاتف في تحقيق هذه المسألة، والعنايةِ بها عنايةً تفوق الاهتمامات الدنيوية.
وفّقنا الله وإياكم لكلّ خير، وقادنا إلى كل نجاح.
يقول الله -جل وعلا-: {وَٱلۡبَلَدُ ٱلطَّيِّبُ يَخۡرُجُ نَبَاتُهُۥ بِإِذۡنِ رَبِّهِۦ}، نَعَمْ -عبادَ الله-، هكذا تكون مُخْرَجَاتُ التربية الصحيحة.
هذا، وصلّوا وسَلِّمُوا على النبي المصطفى، والرسول المجتبى، إذ أمركم الله -جل وعلا- بالصلاة والسلام عليه؛ فبدأ بنفسه، وثنّى بملائكة قُدْسِهِ، وأيَّهَ بكم أيها المؤمنون فقال: {إِنَّ ٱللَّهَ وَمَلَٰٓئِكَتَهُۥ يُصَلُّونَ عَلَى ٱلنَّبِيِّۚ يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ صَلُّواْ عَلَيۡهِ وَسَلِّمُواْ تَسۡلِيمًا}.
وصحّ عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: «من صلى علي صلاة واحدة، صلى الله عليه بـها عشرا».
اللهم صلّ على محمد وعلى آل محمد، كما صلّيتَ على آل إبراهيم، إنك حميد مجيد.
وباركْ على محمد وعلى آل محمد، كما باركتَ على آل إبراهيم، إنك حميد مجيد.
اللهم أعزَّ الإسلام والمسلمين، اللهم أعزَّ الإسلام والمسلمين، اللهم أعزَّ الإسلام والمسلمين.
اللهم حبّب إلينا الإيمان وزيّنْه في قلوبنا، وكرّه إلينا الكُفرَ والفسوقَ والعصيانَ، واجعلنا من عبادك الراشدين.
{رَبَّنَا هَبۡ لَنَا مِنۡ أَزۡوَٰجِنَا وَذُرِّيَّٰتِنَا قُرَّةَ أَعۡيُنٍ وَٱجۡعَلۡنَا لِلۡمُتَّقِينَ إِمَامًا}
اللهم أصلح نيّاتِنا، وأصلح ذريّاتِنا، وبارك لنا فيما أعطيتَنا يا ربّ العالمين.
اللهم وفّق إمامَنا ووليَّ أمرنا: رئيسَ الدولة ونوّابَه، وجميع حكّام الإمارات، وَفِّقْهُمُ اللَّهمَّ لـِمَا تحبّ وترضى، وخذ بنواصيهم للبر والتقوى، واجعل هذا البلد آمنا، مطمئنًّا، سخاء، رخاء، وسائر أوطان المسلمين، يا رب العالمين.
{رَبَّنَآ ءَاتِنَا فِي ٱلدُّنۡيَا حَسَنَةً وَفِي ٱلۡأٓخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ ٱلنَّارِ}
وقوموا الى صلاتكم، يرحمني ويرحمكم الله.