الخطبة الأولى:
إنَّ الحَمْدَ للهِ، نَحْمَدُهُ ونَسْتَغْفِرُه ونَتُوبُ إليهِ، ونَعُوذُ باللهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنا ومِنْ سَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا، مَنْ يَهْدِهِ اللهُ فَلَا مُضِلَّ له، ومَنْ يُضْلِلْ فَلَا هَادِيَ له. وأَشْهَدُ أنْ لَا إِلَهَ إلَّا اللهُ، وحْدَهُ لا شَرِيكَ له، وأَشْهَدُ أنَّ محمدًا عَبْدُهُ ورَسُولُهُ، تَسْلِيمًا كثيرًا.
أمَّا بَعْدُ:
﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ ١٠٢ وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلاَ تَفَرَّقُوا وَاذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُم بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا وَكُنتُمْ عَلَى شَفَا حُفْرَةٍ مِّنَ النَّارِ فَأَنقَذَكُم مِّنْهَا﴾ [آل عمران: 102-103].
﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا ٧٠ يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَن يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا﴾ [الأحزاب: 70-71].
ويَـقُـولُ جـلَّ وعَـلَا: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ﴾ [التوبة: 119].
عِبَادَ اللهِ:
إنَّ هناكَ مَرَضًا خَطِيرًا، ودَاءً عُضَالًا، وشَرًّا مُسْتَطِيرًا، نَرَاهُ يَتَنَامَى ويَتَزَايَدُ ويَتَفَاعَلُ في المُجْتَمَعَاتِ المُسْلِمَةِ؛ رَغْمَ مَا لَهُ مِنْ آثَارٍ مُدَمِّرَةٍ، ونتائجَ سَلْبِيَّةٍ خَطِيرَةٍ، نِتَاجُها الخِلَافُ والاختلافُ، والكُرْهُ والبُغْضُ، والتَّدَابُرُ والتحاسُدُ والتباغُضُ، وغيرُ ذلك ممَّا يَقَعُ بينَ أَبْنَاءِ المجتمعِ، ألَا وهو «الغِيبَةُ».
والغِيبَـةُ مِـنْ كَبَائِـرِ الـذُّنُوبِ التي حَرَّمَها اللهُ ورَسُـولُه صلى الله عليه وسلم، يَقُـولُ اللهُ عز وجل: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ ولَا تَجَسَّسُوا ولَا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضًا أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ واتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ تَوابٌ رَحِيمٌ﴾ [الحجرات: 12].
قَالَ الإمامُ الحَسَنُ البصريُّ رحمه الله: «الغِيبَةُ» جاءتْ في القرآنِ على ثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ: الغِيبَةُ، والإِفْكُ، والبُهْتَانُ. أمَّا الغِيبَةُ فهي أنْ تَذْكُرَ أخاكَ بما هو فِيهِ، وأمَّا الإِفْكُ فأنْ تَذْكُرَه بما نُقِلَ لَكَ عنه، وأمَّا البُهْتَانُ فأنْ تَذْكُرَهُ بِمَا لَيْسَ فِيهِ. وقَالَ شُعْبَةُ رحمه الله: قَالَ لي مُعَاوِيَةُ يَعْنِي: ابنَ قُرَّةَ ـ: لَوْ مَرَّ عليكَ رَجُلٌ أَقْطَعُ، فقلتَ: هذا أَقْطَعُ، كَانَ غِيبَةً. قَالَ شُعْبَةُ: فسألتُ أَبَا إِسْحَاقَ عَنْ ذَلِكَ فَقَالَ: «صَدَقْتَ». اهـ
وَلَا يَجِبُ أن يغتابَ الإنْسَانُ أخاهُ الإنسانَ، وإنْ كانَ في موضِعِ ذَنْبٍ أو مَعْصِيَةٍ؛ فقد أَخْرَجَ أبُو داودَ في «سُنَنِهِ»، وعبدُ الرزَّاقِ في «مُصَنَّفِهِ» والنسائيُّ في «السُّنَنِ الكُبْرَى»، أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم لَمَّا رَجَمَ مَاعِزَ بنَ مَالِكٍ الأسلميَّ سَمِعَ رجُلَيْنِ يَقُولَانِ: إنَّ اللهَ سَتَرَ على هذا حَتَّى قادَتْهُ نَفْسُهُ أنْ يُرْجَمَ رَجْمَ الكَلْبِ. فسَكَتَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم، ثُمَّ سَارَ سَاعَةً فرَأَى جِيفَةَ حِمَارٍ شَائِلٍ برِجْلِهِ، فَقَالَ: «أَيْنَ فُلَانٌ وفُلَانٌ؟» قَالَا: نحنُ ذَا يَا رَسُولَ اللهِ، قَالَ: «انْزِلَا وكُلَا مِنْ هَذِهِ الْجِيفَةِ»، قَالَا: وكَيْفَ نَأْكُلُ مِنْهَا، وهَلْ يَسْتَطِيعُ أحدٌ أنْ يَفْعَلَ ذلكَ؟ قال: «إِنَّ مَا نِلْتُمَا مِنْ عِرْضِ أَخِيكُمَا هُو أَعْظَمُ مِنْ أَنْ يُؤْكَلَ مِنْ هَذِهِ الْجِيفَةِ، والَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ إِنَّهُ فِي أَنْهَارِ الْجَنَّةِ لَيَنْغَمِسُ الْآنَ».
وَقَد جَاءَ الوعيدُ الشديدُ مِنَ اللهِ عز وجل ورَسُولِهِ صلى الله عليه وسلم على الغيبة؛ ذلكَ الفِعْلِ القبيحِ الذي تَتَقَزَّزُ مِنْهُ الأَنْفُسُ، وتَنْفِرُ منه العقولُ والفِطَنُ المستقيمةُ؛ لِذَلِكَ وصَفَهُ اللهُ عز وجل بوَصْفٍ دَقِيقٍ لو تَأَمَّلْنَاهُ وأَدْرَكْنَاهُ وفَهِمْنَاهُ؛ لَمَا قَالَ أَحَدٌ في أَحَدٍ ولَوْ كَلَامًا بَسِيطًا، ﴿أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ﴾ [الحجرات: 12]، فكَذَلِكَ هي الغِيبَةُ؛ لأنَّ المغتابَ يَغْتَابُهُ مَنِ اغْتَابَهُ، وهو لا يَعْلَمُ، والميِّتَ يَأْكُلُ مِنْ جِيفَتِهِ مَنْ يَأْكُلُ وهو لا يَعْلَمُ، فهو تَصْوِيرٌ بَلِيغٌ، مُعْجِزٌ دقيقٌ، لا بُدَّ أنْ نَجْعَلَهُ على بَالِنَا ونُصْبَ أَعْيُنِنَا، ونُرَدِّدَهُ دائمًا وأبدًا؛ حتَّى لا نَقَعَ في أَعْرَاضِ إخوانِنا المسلمينَ، ولِذَلِكَ قَالَ أَمِيرُ المؤمنينَ عُمَرُ بنُ الخَطَّابِ رضي الله عنه : إِيَّاكُمْ والكَلَامَ في الناسِ، فإنَّه دَاءٌ، وعليكمْ بِكَلَامِ اللهِ فإنَّهُ دَوَاءٌ.
وقَالَ عليُّ بنُ الحسينِ لمَاَّ سَمِعَ رَجُلًا يَغْتَابُ آخَرَ قَالَ: إيَّاكَ والغِيبَةَ، فإنَّها إدَامُ كِلَابِ الناسِ.
ومِنْ هنا لا بُدَّ أنْ نَكُونَ يَقِظِينَ فَطِنِينَ، مُدْرِكِينَ لِكُلِّ ما جَاءَ في شَرِيعَةِ اللهِ عز وجل مِنَ التوجيهاتِ والبيانِ والتحذيراتِ التي تُبَيِّنُ لنا مَخَاطِرَ الأقوالِ والأخلاقِ السيئةِ التي دَائِمًا وأَبَدًا ما تَكُونُ نتائِجُها وآثارُها عائدةً بالشرِّ والفسادِ والإفسادِ على المسلمِ وأُسْرَتِهِ ومُجْتَمَعِهِ.
إنَّ بَعْضَ الناسِ جَعَلَ عادَتَهُ ودَيْدَنَهُ وفاكهةَ مَجَالِسِهِ هي النيلَ مِنْ أعراضَ الناسِ وهُوَ لا يَعْلَمُ أنَّ من تَعَرَّضَ لَهُ هو المأجورُ؛ يَرْتَفِعُ قَدْرُهُ، وتَزْدَادُ حَسَنَاتُهُ.
جَاءَ رَجُلٌ إلى الحَسَنِ البَصْرِيِّ رحمه الله قَالَ له: بَلَغَنِي أنَّكَ تَغْتَابُنِي. فانْظُرُوا مَاذَا قَالَ لَهُ؟! قَالَ: لم يَبْلُغْ قَدْرُكَ عِنْدِي بأَنْ أُحَكِّمَكَ في حَسَنَاتِي.
فَاحْـذَرُوا عَاقِبَـةَ أَلْسِنَتِـكُمْ؛ يَوْمَ يُعْـرَضُ لِكُـلِّ إنسـانٍ كتـابٌ ﴿لَا يُغَادِرُ صَغِيرَةً ولَا كَبِيرَةً إِلَّا أَحْصَاهَا﴾ [الكهف: 49].
بَارَكَ اللهُ لي ولَكُمْ في القرآنِ العظيمِ، ونَفَعَنِي وإيَّاكُمْ بِمَا جَاءَ فيه مِنَ الآياتِ والذِّكْرِ الحَكِيمِ.
أَقُولُ قَوْلِي هَذَا وأَسْتَغْفِرُ اللهَ لي ولَكُمْ، فاسْتَغْفِرُوهُ، إنَّه هُوَ الغَفُورُ الرحيمُ.
.
.
.
الخُطْبَةُ الثانيةُ:
إنَّ الحمدَ للهِ، نَحْمَدُه ونُصَلِّي علَى نَبِيِّهِ، عليه أَفْضَلُ الصلاةِ وأَتَمُّ التسليمِ، وبعدُ:
ثَبَتَ في «صَحِيحِ البخاريِّ ومسلمٍ» -رَحِمَهُمَا اللهُ- أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم قال: «إِنَّ مِنْ شِرَارِ النَّاسِ عِنْدَ اللهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ذَا الْوجْهَيْنِ، الَّذِي يَأْتِي هَؤُلاَءِ بِوجْهٍ، وهَؤُلاَءِ بِوجْهٍ».
وما أَكْثَرَهُمْ في هذا الزَّمَنِ! وما أَقْبَحَ فِعْلَهُمْ، وأَنْكَرَ ما يَقُومُونَ به! ولذَلِكَ فإنَّ الغِيبَةَ دَاخِلَةٌ في هذا المقامِ، وهي مِنْ طِبَاعِ المنافقينَ ونُعوتِهم وصِفاتِهم، الذين يُبْطِنُونَ الكُفْرَ ويُظْهِرُونَ الإسلامَ، نَسْأَلُ اللهَ العافيةَ والسلامةَ.
وإِنَّ الغِيبَةَ تَشْتَدُّ خُطُورَتُها وتَعْظُمُ فِتْنَتُها ويَتَأَكَّدُ شَرُّها، وتَكُونُ مِنْ أَكْبَرِ الكبائرِ إذا تَنَاوَلَتْ فِئَتَيْنِ مِنَ المجتمعِ؛ أمَّا الفئةُ الأُولَى فَهُمُ الحُكَّامُ، ووُلَاةُ الأَمْرِ، والأُمَرَاءُ، والمَسْؤولُونَ، الذين ولَّاهُمْ ولِيُّ الأَمْرِ؛ لأنَّ الغِيبَةَ لهم لا تَتَعَلَّقُ بذَوَاتِهِمْ وأشْخَاصِهِمْ وإنَّمَا تَتَعَدَّاهُمْ إلى مَا ولَّاهُمُ اللهُ مِنْ أُمُورِ المسلمينَ، وإذا كَانَ الأمرُ كذَلِكَ وتَتَابَعَ الناسُ في الكلامِ فيهمْ، وغِيبَتِهِمْ والنَّيْلِ مِنْ أَعْرَاضِهِمْ أَدَّى ذَلِكَ إِلَى زَعْزَعَةِ الأَمْنِ والأمانِ والاستقرارِ والطُّمَأْنِينَةِ التي يَنْعَمُ بها المجتمعُ؛ ولذلك جَاءَ التشديدُ على لُزُومِ جَمَاعَةِ المسلمينَ وإمامِهِمْ والتشديدُ كذلك عَلَى الحَدِيثِ عنهم، أو تَنَاوُلِـهِمْ بأَيِّ كَلَامٍ دَقِيقٍ أو جَلِيلٍ، كَبِيرٍ أو صَغِيرٍ.
الفِئَةُ الثانيةُ ممَّنْ تَكُونُ غِيبَتُهُمْ مِنْ أَكْبَرِ الكبائرِ هُمُ العلماءُ المُحَقِّقُونَ الرَّبَّانِيُّونَ، الذين صَفَوْا عَقَدِيًّا، وتَأَسَّسُوا مَنْهَجِيًّا وفِكْرِيًّا، وانْطَلَقُوا مِنْ نصوصِ الوَحْيَيْنِ، يَغْرِفُونَ مِنْ زُلالِهِمَا، ويَنْهَلُونَ مِنْ صَفْوِ عَذْبِهِمَا، فهُمْ يُبَيِّنُونَ للناسِ ما يحتاجُونَ إليهِ في أُمُورِ دِينِهِمْ ودُنْيَاهُمْ ويُبَصِّرُونَهُمْ بكُلِّ ما يَرِدُ عليهم مِنَ الفِتَنِ والمُكَدِّرَاتِ والمُنَغِّصَاتِ والعَوَادِي، فيَسِيرُ الناسُ على طَرِيقٍ وهُدًى وبَصِيرَةٍ في جَمِيعِ شُؤُونِهِمْ وأحوالِهِمْ وتحوُّلاتِهِمْ.
ونَرَى أنَّ غِيبَةَ العلماء في هَذَا الزَّمَنِ قد زَادَتْ وانْتَشَرَتْ وتَتَايَعَ أي: تهافت وأسرع ولَجَّ في الأمر أصحابُ الغِيبَةِ فيها، وبَلَغُوا حَدًّا وشَأْوًا لا يُمْكِنُ أنْ يُتَصَوَّرَ، فاعْلَمُوا -عِبَادَ اللهِ- أنَّ غِيبَةَ هؤلاءِ العلماءِ لا تَتَّجِهُ إليهمْ بِأشْخَاصِهِمْ وذَوَاتِهِمْ، وإنَّما تَتَعَدَّاهُمْ إلى ما يَحْمِلُونَهُ مِنَ العلومِ والمعارفِ وما يُرَبُّونَ عليه الناسَ مِنَ الخيرِ والفَضْلِ والبِرِّ والإحسانِ والعَدْلِ والأُلْفَةِ والمَحَبَّةِ والتعاونِ على البِرِّ والتقْوَى، فإذا كَانَ الأمرُ كذلكَ؛ فإنَّ الناسَ سَيَتَسَاهَلُونَ، فلا يَقْتَدُونَ بهم، ولا يَأْخُذُونَ بِمَا يَقُولُونَ ويُوَجَّهُونَ فيه، فيَتَّجِهُون إلى أئِمَّةِ الضلالِ والفَسَادِ، الذين يَتَرَبَّصُونَ بِنَا الدوائرَ، ويَبْحَثُونَ عَنْ مِثْلِ هذه الانحرافاتِ التي تَعْزِلُ المجتمعَ عَنْ وُلَاةِ أَمْرِهِ وعُلَمَائِهِ، فيكونُ أبْنَاؤُهُ صَيْدًا سَهْلًا، وفَرِيسَةً سائغةً لكلِّ عَدُوٍّ ظاهِرٍ وباطِنٍ ومُسْتَتِرٍ. ونحنُ نَرَى ذلكَ عَيَانًا بَيَانًا ظَاهِرًا واضِحًا؛ ولِذَلِكَ إذا رأيتَ مَنْ يَتَكَلَّمُ بالعلماءِ أو يُحَذِّرُ منهمْ أوْ يَطْلُبُ الابتعادَ عنهمْ؛ فاعْلَمْ أنَّهُ داعيةُ سُوءٍ، وأنَّه يُرِيدُ الشرَّ والانحرافَ لأبنائِنا.
هذا وقَدْ أَمَرَكُمُ اللهُ بأَمْرٍ بَدَأَ به بِنَفْسِهِ وثَنَّى به بمَلَائِكَتِـهِ، فَقَـالَ: ﴿إِنَّ اللَّهَ ومَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وسَلِّمُوا تَسْلِيمًا﴾ [الأحزاب: 56].
اللهُمَّ صَلِّ وسَلِّمْ وزِدْ وبارِكْ على نبيِّنا محمدٍ، وعلى آلِهِ وصَحْبِهِ أجمعينَ.
اللهُمَّ ارْضَ عَنِ الخلفاءِ الأربعةِ الراشدينَ، والأئمةِ المَهْدِيِّينَ، وصحابةِ رَسُولِكَ الكِرَامِ الأبرارِ الأخيارِ الأطهارِ جميعًا يا رَبَّ العالَمِينَ، اللهُمَّ أَعِزَّ الإسلامَ والمسلمينَ، اللهُمَّ أَعِزَّ الإسلامَ والمسلمينَ، اللهُمَّ أَعِزَّ الإسلامَ والمسلمينَ، وأَذِلَّ الشِّرْكَ والمشركينَ، ودَمِّرْ أعداءَكَ أعداءَ الدِّينِ، اللهُمَّ اجْعَلْ هذا البلدَ آمِنًا مُطْمَئِنًّا سخاءً رخاءً وسَائِرَ بلادِ المسلمينَ، اللهم آمِنَّا في أوْطَانِنَا، وأَصْلِحْ أئِمَّتَنَا ووُلَاةَ أُمُورِنا، واجْعَلْ وِلَايَتَنا فيمَنْ خَافَكَ واتَّقَاكَ، واتَّبَعَ رِضَاكَ يا رَبَّ العالمينَ.
اللهُمَّ وفِّقْ ولِيَّ أَمْرِنَا خَادِمَ الحَرَمَيْنِ الشريفَيْنِ سلمانَ بنَ عبدِ العزيزِ ووَلِيَّ عَهْدِهِ الأمين بتَوْفِيقِكَ، واكْلَأْنَا وإيَّاهُمْ بِعِنَايَتِكَ ورِعَايَتِكَ، وأَطِلْ أعمارَنا وأعمارَهُمْ على الطاعةِ والإيمانِ، وأَلْبِسْنَا وإيَّاهُمْ ثَوْبَ الصحةِ والعافيةِ، اللهُمَّ جازِهِمْ خَيْرَ الجزاءِ على ما يَقُومُونَ به مِنْ خِدْمَةٍ لِلدِّينِ ولأبناءِ هذا الوَطَنِ والأُمَّةِ الإسلاميةِ وللإسلامِ والمسلمينَ في مَشَارِقِ الأرضِ ومغارِبِهَا، واجْعَلْ ذلكَ زيادةً في حسناتِهِمْ، ورَفْعًا في درجاتِهِمْ، اللهُمَّ زِدْنَا وإيَّاهُمْ عِزًّا ونَصْرًا وتمكِينًا وقِيَامًا بكِتَابِ اللهِ وسُنَّةِ رَسُولِهِ صلى الله عليه وسلم صلى الله وعليه وسلم، وما كَانَ عليه سَلَفُ هذه الأُمَّةِ.
اللهُمَّ إنَّا نَعُوذُ بِكَ مِنْ جَهْدِ البلاءِ، ودَرَكِ الشقاءِ، وسُوءِ القضاءِ، وشَمَاتَةِ الأعداءِ، وغَلَبَةِ الدَّيْنِ، وقَهْرِ الرِّجَالِ، اللهُمَّ إنَّا نَعُوذُ بِكَ مِنَ الجُبْنِ والبُخْلِ والهَمِّ والحَزَنِ والكَسَلِ يا رَبَّ العالمينَ، اللهُمَّ إنَّا نسألُكَ الهُدَى والتُّقَى والعَفَافَ والغِنَى، والقَصْدَ في الفَقْرِ والغِنَى، وكَلِمَةَ الحقِّ في الغَضَبِ والرِّضَا، وخَشْيَتَكَ في الغَيْبِ والشهادةِ، اللهُمَّ طَهِّرْ قُلُوبَنا مِنَ النفاقِ والغِيبَةِ وكُلِّ ما نَهَى عنه دِينُنَا الحنيفُ، وأَعْيُنَنَا مِنَ الخيانةِ، وأَلْسِنَتَنَا مِنَ الكَذِبِ، اللهُمَّ إنَّا نَسْأَلُكَ الأُنْسَ بِقُرْبِكَ، رَبِّ هَبْ لنا مِنْ أَزْوَاجِنَا وذُرِّيَّاتِنَا قُرّةَ أَعْيُنٍ واجْعَلْنَا للمُتَّقِينَ إِمَامًا، اللهُمَّ إنَّا نسألُكَ العفوَ والعافيةَ والمعافاةَ الدائمةَ في الدِّينِ والدنيا والآخرةِ والبَدَنِ والأَهْلِ والمالِ والولدِ، اللهُمَّ أَدْخِلْنَا مُدْخَلَ صِدْقٍ، وأَخْرِجْنا مُخْرَجَ صِدْقٍ، واجْعَلْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ سُلْطَانًا نَصِيرًا، اللهُمَّ أَلْهِمْنَا الرُّشْدَ والصوابَ في الأقوالِ والأعمالِ، اللهُمَّ احْفَظْنَا بالإسلامِ قائمينَ، واحْفَظْنَا بالإسلامِ قاعِدِينَ، واحْفَظْنَا بالإسلامِ رَاقِدِينَ، ولا تُشْمِتْ بِنَا الأعداءَ ولا الحاسدينَ، برَحْمَتِكَ يا رَبَّ العالمينَ، اللهُمَّ انْصُرْ جُنُودَنَا ورِجَالَ أَمْنِنَا البواسلَ في الحدودِ والثُّغُورِ وفي وسَطِ البلادِ، اللهُمَّ انْصُرْهُمْ على عَدُوِّكَ وعَدُوِّنا وعَدُوِّهِمُ، اللهُمَّ ثَبِّتْ قلوبَهُمْ، وارْبِطْ على جَأْشِهِمْ، وقَوِّ عزائِمَهُمْ، وارْفَعْ مَعْنَوِيَّاتِهِمْ، وسَدِّدْ سِهَامَهُمُ، اللهُمَّ احْفَظْنَا وإيَّاهُمْ مِنْ بينِ أَيْدِينَا ومِنْ خَلْفِنَا وعَنْ أيمانِنا وعَنْ شَمَائِلِنَا ومِنْ فَوْقِنا، ونَعُوذُ بِعَظَمَتِكَ أنْ نُغْتَالَ وإيَّاهُمْ مِنْ تَحْتِنَا، اللهُمَّ اجْعَلْ ما يَقُومُونَ به مِنْ دِفَاعٍ عَنْ دِينِنا وعَقِيدَتِنا وبِلادِنا وقيادَتِنا وعلمائِنَا ومجتمَعِنا في ميزانِ حسناتِهِمْ، وارْفَعْ به درجاتِهِمْ يا ربَّ العالمينَ، اللهُمَّ أَعِدْهُمْ إلينا وإلى أَهْلِيهِمْ سَالِمِينَ غانمينَ مُنْتَصِرِينَ، اللهُمَّ مَنْ أرَادَنا أو أرادَ دِينَنا وعَقِيدَتَنا ووَطَنَنَا ووُلَاةَ أَمْرِنا وعُلَمَاءَنا ومجتمعَنا بسُوءٍ فاشْغَلْهُ بنَفْسِه، واجْعَلْ كَيْدَهُ في نَحْرِهِ، ومَزِّقْهُ كلَّ مُمَزَّقٍ، إذا لم يَكُنْ في سَابِقِ عِلْمِكَ هِدَايَتُه، اللهُمَّ اهْدِنَا لِأَحْسَنِ الأقوالِ والأعمالِ والأخلاقِ، لا يَهْدِي لِأَحْسَنِها إلَّا أنتَ، واصْرِفْ عَنَّا سَيِّئَها لا يَصْرِفُ عَنَّا سَيِّئَها إلَّا أنتَ، رَبِّ زِدْنِي والسامعينَ والحاضرينَ عِلْمًا وفِقْهًا وفَهْمًا وإدْرَاكًا وحِكْمَةً ويَقِينًا وتَوْفِيقًا وسَدَادًا وإيمانًا وتَقْوَى وصَبْرًا ومُثَابَرَةً وهُدًى وبصيرةً واستقامةً على دِينِكَ يا رَبَّ العالمينَ.
وآخِرُ دَعْوَانَا أنِ الحمدُ للهِ رَبِّ العالمينَ.
وصَلَّى اللهُ وسَلَّمَ وبَارَكَ على نبيِّنا محمدٍ وعلى آلِهِ وصَحْبِهِ أجمعينَ.