الحمد لله الذي وفق عباده المؤمنين لتلاوة كتابه الكريم، وفتح عليهم من حقائق المعارف ولطائف العلوم ما هداهم به إلى صراطه المستقيم. وخصهم من مواهب بره وإحسانه بأسنى فضله العميم، ومنّ على من شاء بالصدق في معاملته، 2 والله ذو الفضل العظيم. أحمده سبحانه على ما أولاه من التعليم.
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له العزيز الحكيم.
وأشهد أن محمدا عبده ورسوله وخليله النبي الكريم. اللهم صل على محمد وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم على الدين القويم، وسلم تسليما كثيرا.
أما بعد فيا أيها الناس، اتقوا الله تعالى حق تقواه، وسارعوا إلى مغفرته ورضاه، واحذروا أسباب سخطه، فإن المؤمن من خاف الله واتقاه. عباد الله إنكم في شهر كريم، وموسم عظيم، متجر أولياء الله الصالحين، ومطلب الراغبين إلى الله في العتق من عذاب الجحيم، شهر تفتح فيه أبواب الجنات وتجاب فيه الدعوات، وينشر الفضل العميم، شهر تكفر فيه السيئات، وتضاعف فيه الحسنات، وتقال فيه العثرات، ويكتب فيه منشور السعادة والتكريم. فعظموه رحمكم الله بالقراءة والتكبير والركوع والسجود والتهليل والتسبيح والتحميد، وأكثروا في أيامه من الصدقة والإحسان إلى الفقير والمسكين واليتيم. واحذروا ما يبطل العمل من الفعل السيئ والقول الذميم.
ففي الحديث عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: "من لم يدع قول الزور والعمل به فليس لله حاجة في أن يدع طعامه وشرابه" .
وفيه أيضا: "رب صائم حظه من صيامه الجوع والعطش، ورب قائم حظه من قيامه السهر والتعب" .
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم { سَابِقُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا كَعَرْضِ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ أُعِدَّتْ لِلَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ } .
بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم، ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم.
أقول قولي هذا وأستغفر الله العظيم الجليل لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنب، فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.