خطبة 28 ( قصيرة )

شيخ الإسلام محمد بن عبدالوهاب

الحمد لله الذي رفع قدر ذوي الأقدار عن الركون إلى هذه الدار، ومنح صفاء إحسانه الدارّ لأهل تلك الدار، ونفذ تصاريف الأقدار في أهل الجنة والنار. فسبحان من يسر كلا لما خلق له، وربك يخلق ما يشاء ويختار. أحمده سبحانه وأشكره، وللشكر على أصحاب الشكر آثار.

وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له العزيز الغفار.

وأشهد أن محمدا عبده ورسوله بعثه ونجم الحق قد غار، وشرر الباطل قد طار في الأقطار. فمهد قواعد الدين وأشاد المنار. وجاء البيت وللأصنام على فناء الكعبة قرار، فما زاد أن أومى إليها بالقضيب وأشار، وهو يقول: (جَاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ) فتهاوت للانكسار.

اللهم صل على عبدك ورسولك محمد، وعلى آله وأصحابه فاتحي الفتوح وممصري الأمصار، وسلم تسليما كثيرا.

أما بعد فيا أيها الناس، اتقوا الله واعلموا أن الجزاء واقع، والمنتقم من العصاة هو الجبار. فحذار من سطوة الغضب حذار! أعلى السرائر تلفق الأعذار؟ فالبدار البدار! فقد ذهبت الغفلات بالأعمار. ما أبقت النصائح لبسا وهل يخفى النهار؟ فالنجاء النجاء في مهلة الإنظار! واللجأ اللجأ قبل أن يقال العثار! يوم يبعثر ما في القبور، ويحصل ما في الصدور، وتكشف الأسرار. يوم يجاء بالظالم والظلم يومئذ عار ونار. يوم يقضي الله بين خلقه بعلمه لا بالبينة ولا بالاستظهار.

أعوذ بالله من الشيطان الرجيم { وَأَنْذِرْهُمْ يَوْمَ الْآزِفَةِ إِذِ الْقُلُوبُ لَدَى الْحَنَاجِرِ كَاظِمِينَ مَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ حَمِيمٍ وَلا شَفِيعٍ يُطَاعُ يَعْلَمُ خَائِنَةَ الْأَعْيُنِ وَمَا تُخْفِي الصُّدُورُ وَاللَّهُ يَقْضِي بِالْحَقِّ وَالَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ لا يَقْضُونَ بِشَيْءٍ إِنَّ اللَّهَ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ }.

بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم، ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم.

أقول قولي هذا وأستغفر الله العظيم الجليل لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنب، فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.