خطبة 34 ( قصيرة )

شيخ الإسلام محمد بن عبدالوهاب

الحمد لله معز من أطاعه واتقاه، ومذل من أضاع أمره وعصاه، الذي وفق أهل طاعته للعمل بما يرضاه، وحقق على أهل معصيته ما قدره عليهم وقضاه. أحمده سبحانه على حلو نعمه ومر بلواه.

وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، ولا رب لنا سواه، ولا نعبد إلا إياه. وهو الذي في السماء إله وفي الأرض إله.

وأشهد أن محمدا عبده ورسوله الذي كمل به عقد النبوة، فطوبى لمن والاه وتولاه. اللهم صل على عبدك ورسولك محمد، وعلى آله وأصحابه الذين جاهدوا في الله حق جهاده، وكان هواهم تبعا لهداه، وسلم تسليما كثيرا.

أما بعد فيا أيها الناس، أوصيكم ونفسي بتقوى الله تعالى وطاعته. ابن آدم اتق الله وأطعه فيما أمر، وفكر في نفسك فأنت أحق من فكر. هل ينفعك من الله مال أو جاه أو معشر؟ أنعم عليك وآواك، وتفضل عليك وأعطاك، ومن عليك بالسمع والفؤاد والبصر. فكيف حجتك إذا سألك عن شكر نعمه عليك يوم الفزع الأكبر؟ وكيف جوازك على الصراط وهو أدق من الشعر، وأحر من الجمر، وأحد من السيف الأبتر؟ يؤمر بالجواز عليه، فمن نجا فإلى جنة المستقر، ومن هوى بذنوبه ففي سقر.

روى مسلم في صحيحه عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "ترسل الأمانة والرحم يوم القيامة فيقومان جنبتي الصراط يمينا وشمالا فيمر أولكم كالبرق، ثم كالريح، ثم كالطير، ثم كأجاود الخيل والركاب، تجري بهم أعمالهم. ونبيكم صلى الله عليه وسلم قائم على الصراط يقول: اللهم سلم سلم، حتى تعجز أعمال العباد وحتى إن الرجل لا يستطيع أن يمر إلا زحفا. وعلى جنبتي الصراط كلاليب معلقة مأمورة تأخذ من أمرت بأخذه. فناج مسلم، ومكردس في النار. والذي نفس أبي هريرة بيده إن قعر جهنم لسبعين خريفا. والله لتملأن".

أعوذ بالله من الشيطان الرجيم { فَوَرَبِّكَ لَنَحْشُرَنَّهُمْ وَالشَّيَاطِينَ ثُمَّ لَنُحْضِرَنَّهُمْ حَوْلَ جَهَنَّمَ جِثِيّاً ثُمَّ لَنَنْزِعَنَّ مِنْ كُلِّ شِيعَةٍ أَيُّهُمْ أَشَدُّ عَلَى الرَّحْمَنِ عِتِيّاً ثُمَّ لَنَحْنُ أَعْلَمُ بِالَّذِينَ هُمْ أَوْلَى بِهَا صِلِيّاً وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وَارِدُهَا كَانَ عَلَى رَبِّكَ حَتْماً مَقْضِيّاً ثُمَّ نُنَجِّي الَّذِينَ اتَّقَوْا وَنَذَرُ الظَّالِمِينَ فِيهَا جِثِيّاً }.

بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم، ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم.

أقول قولي هذا وأستغفر الله العظيم الجليل لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنب، فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.