الخُطْبَةُ الأُولَى:
إنَّ الحمدَ للهِ، نحمَدُه ونَشْكُرُه، ونَسْتَعِينُه ونَسْتَهْدِيهِ ونَتُوبُ إليه، ونَعُوذُ به مِنْ شُرُورِ أنفُسِنا ومِنْ سيِّئاتِ أعمالِنا، مَنْ يَهْدِهِ اللهُ فلا مُضِلَّ له، ومَنْ يُضْلِلْ فلا هاديَ له، وأَشْهَدُ أنْ لا إلهَ إلَّا اللهُ، وحْدَهُ لا شَرِيكَ له، وأَشْهَدُ أنَّ محمدًا عَبْدُه ورسولُه، صلَّى الله عليه، وعلى آلهِ وصحابَتِه، وسَلَّمَ تسليمًا كثيرًا.
أمَّا بَعْدُ:
﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ ١٠٢ وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلاَ تَفَرَّقُوا وَاذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُم بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا وَكُنتُمْ عَلَى شَفَا حُفْرَةٍ مِّنَ النَّارِ فَأَنقَذَكُم مِّنْهَا﴾ [آل عمران: 102-103].
﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا ٧٠ يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَن يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا﴾ [الأحزاب: 70-71].
عبادَ الله:
إنَّ للكعبةِ مكانةً كبيرةً، ومَنْزِلَةً عَظِيمَةً، لا تُقَارَنُ بغَيْرِها أبدًا مِنَ الأماكِنِ؛ وذلكَ لِمَا خَصَّها اللهُ به مِنَ الشَّرَفِ، وفَضَّلَهَا على سائِرِ الأماكنِ والبِقَاعِ، وجَعَلَها مَهْوَى أَفْئِدَةِ المُسْلِمِينَ جميعًا، فَقَدِ استجابَ اللهُ لِنَبِيِّهِ إبراهيمَ عليه السلام لمَّا دَعَا بذلكَ، قَالَ تَعَالَى: ﴿رَبَّنَا إِنِّي أَسْكَنْتُ مِنْ ذُرِّيَّتِي بِوادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ عِنْدَ بَيْتِكَ الْمُحَرَّمِ رَبَّنَا لِيُقِيمُوا الصَّلَاةَ فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ وارْزُقْهُمْ مِنَ الثَّمَرَاتِ لَعَلَّهُمْ يَشْكُرُونَ﴾ [إبراهيم: 37].
قالَ ابنُ القَيِّمِ رحمه الله في زادِ المعاد:
ولِهَذَا أَخْبَرَ سبحانَه أنَّه مَثَابَةٌ لِلنَّاسِ، أيْ: يَثُوبُونَ إليهِ عَلَى تَعَاقُبِ الأعوامِ مِنْ جَمِيعِ الأقطارِ، ولا يَقْضُونَ مِنْهُ وطَرًا؛ بَلْ كُلَّمَا ازْدَادُوا له زيارةً ازْدَادُوا له اشْتِيَاقًا.
وخَصَّ اللهُ هذه الكعبةَ المشرَّفَةَ بأنْ شَرَعَ لعبادِهِ التوجُّهَ إليها في جَمِيعِ صلواتِهِمْ، فَرْضِها ونَفْلِها، فأَوْجَبَ عليهمُ استقبالَها، والتوجُّهَ إليها، فهي قِبْلَتُهُمْ حَيْثُما كَانُوا، قَالَ تَعَالَى: ﴿قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وجْهِكَ فِي السَّمَاءِ فَلَنُولِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضَاهَا فَولِّ وجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وحَيْثُ مَا كُنْتُمْ فَولُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ﴾ [البقرة: 144].
فمَنْ صَلَّى لِغَيْرِ جِهَةِ الكعبةِ لَمْ تَصِحَّ صلاتُه؛ لأنَّ الأمرَ بالشيءِ نَهْيٌ عَنْ ضِدِّهِ.
وخَصَّ اللهُ هذه الكعبةَ المُشَرَّفَةَ أيضًا بِأَنْ فَرَضَ على عِبَادِهِ قَصْدَها، وشَدَّ الرَّحْلِ لأَجْلِ أداءِ فَرِيضَةِ الحجِّ، أَحَدِ أركانِ الإسلامِ، ومَبَانِيهِ العِظَامِ، فلا حَجَّ إلَّا بالطوافِ حَوْلَ الكعبةِ، والتنقُّلِ بينَ مَشَاعِرِ الحجِّ كَعَرَفَةَ.
وهي أَوَّلُ بَيْتٍ وُضِعَ للناسِ، قَالَ تَعَالَى: ﴿إِنَّ أَولَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبَارَكًا وهُدًى لِلْعَالَمِينَ 96 فِيهِ آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ مَقَامُ إِبْرَاهِيمَ ومَنْ دَخَلَهُ كَانَ آمِنًا ولِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا ومَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ﴾ [آل عمران: 96، 97].
وفي الصَّحِيحَيْنِ عَنْ أبي ذَرٍّ رضي الله عنه قَالَ: سَأَلْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم عَنْ أَوَّلِ مَسْجِدٍ وُضِعَ في الْأَرْضِ، قَالَ: «الْـمَسْجِدُ الْـحَرَامُ»، قُلْتُ: ثُمَّ أَيٌّ؟ قَالَ: «الْـمَسْجِدُ الْأَقْصَى»، قُلْتُ: كَمْ بَيْنَهُمَا؟ قَالَ: «أَرْبَعُونَ عَامًا، ثُمَّ الْأَرْضُ لَكَ مَسْجِدٌ، فَحَيْثُمَا أَدْرَكَتْكَ الصَّلَاةُ فَصَلِّ».
وقَدْ فَضَّلَ اللهُ المَسْجِدَ الحَرَامَ بفَضَائِلَ كثيرةٍ، وخَصَّهُ بمَزَايَا عَدِيدَةٍ، ومِنْ تلكَ الفَضَائِلِ والمَزَايَا أنَّه بَلَدٌ آمِنٌ، ومَكَانُ أَمْنٍ وإيمانٍ، وطاعةٍ للرحمنِ، مَنْ دَخَلَهُ كان آمِنًا، قَالَ تَعَالَى: ﴿إِنَّ أَولَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبَارَكًا وهُدًى لِلْعَالَمِينَ * فِيهِ آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ مَقَامُ إِبْرَاهِيمَ ومَنْ دَخَلَهُ كَانَ آمِنًا﴾ [آل عمران: 96، 97].
وامْتَنَّ اللهُ علَى عبادِه بأنْ جَعَلَهُ حَرَمًا آمِنًا، فقـالَ تَعَـالَى: ﴿أَولَمْ يَرَوْا أَنَّا جَعَلْنَا حَرَمًا آمِنًا ويُتَخَطَّفُ النَّاسُ مِنْ حَوْلِهِمْ أَفَبِالْبَاطِلِ يُؤْمِنُونَ وبِنِعْمَةِ اللَّهِ يَكْفُرُونَ﴾ [العنكبوت: 67].
وامْتَنَّ اللهُ عَلَى كُفَّارِ قُرَيْشٍ وذكَّرَهُمْ بنعمةِ الأَمْـنِ والشِّبَعِ، فَقَـالَ تَعَـالَى: ﴿فَلْيَعْبُدُوا رَبَّ هَذَا الْبَيْتِ ٣ الَّذِي أَطْعَمَهُمْ مِنْ جُوعٍ وآمَنَهُمْ مِنْ خَوْفٍ﴾ [قريش: 3، 4].
فاللهُ يُذَكِّرُهُمْ بهذهِ النِّعْمَةِ العظيمةِ التي جَعَلَ بها لهم حَرَمًا آمِنًا، أَمِنُوا فيه مِنَ السَّبْيِ والقَتْلِ والغارةِ والحروبِ، والخَوْفِ والذُّعْرِ، والإخراجِ مِنَ البلادِ والأموالِ، ومَنَّ عليهمْ بِالطُّمَأْنِينَةِ والسَّكِينَةِ، والراحَةِ والعافيةِ، والتمَتُّعِ بالأموالِ والأزواجِ والأولادِ، وأَشْبَعَهُمْ مِنْ جُوعٍ، ورَزَقَهُمْ مِنَ الثَّمَرَاتِ والخيراتِ، استجابةً لِدَعْوَةِ نبيِّ اللهِ إبراهيمَ عليه السلام لمَّا دَعَا: ﴿رَبِّ اجْعَلْ هَذَا بَلَدًا آمِنًا وارْزُقْ أَهْلَهُ مِنَ الثَّمَرَاتِ﴾ [البقرة: 126].
ومِنْ مَزَايَا هذا البلدِ المبارَكِ أنَّه بلدٌ حَرَامٌ بحُرْمَةِ اللهِ إلى يومِ القيامةِ، ففي الصَّحِيحَيْنِ مِنْ حَدِيثِ ابنِ عبَّاسٍ رضي الله عنهما قال: قال رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَوْمَ الْفَتْحِ - فَتْحِ مَكَّةَ -: «إِنَّ هَذَا الْبَلَدَ حَرَّمَهُ اللهُ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَواتِ والْأَرْضَ، فَهُو حَرَامٌ بِحُرْمَةِ اللهِ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ، وإِنَّهُ لَمْ يَحِلَّ الْقِتَالُ فِيهِ لِأَحَدٍ قَبْلِي، ولَمْ يَحِلَّ لِي إِلَّا سَاعَةً مِنْ نَهَارٍ، فَهُو حَرَامٌ بِحُرْمَةِ اللهِ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ، لَا يُعْضَدُ شَوْكُهُ، ولَا يُنَفَّرُ صَيْدُهُ، ولَا يَلْتَقِطُ لُقَطَتَهُ إِلَّا مَنْ عَرَّفَهَا، ولَا يُخْتَلَى خَلَاهَا»، فَقَالَ الْعَبَّاسُ: يَا رَسُولَ اللهِ، إِلَّا الْإِذْخِرَ فَإِنَّهُ لِقَيْنِهِمْ ولِبُيُوتِهِمْ، فَقَالَ: «إِلَّا الْإِذْخِرَ».
ومِنْ فَضَائِلِ الحَرَمِ مضاعفةُ الصلاةِ فيه بمئةِ أَلْفِ صلاةٍ فيما سِوَاهُ مِنَ المساجدِ والبِقَاعِ، ففي الصَّحِيحَيْنِ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ، وفي صَحِيحِ مُسْلِمٍ مِنْ حديثِ ابْنِ عُمَرَ، ومَيْمُونَةَ أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «صَلَاةٌ فِي مَسْجِدِي هَذَا أَفْضَلُ مِنْ أَلْفِ صَلَاةٍ فِيمَا سِواهُ، إِلَّا الْـمَسْجِدَ الْـحَرَامَ»، وفي مُسْنَدِ الإمامِ أحمدَ، وسُنَنِ ابنِ ماجهْ مِنْ حديثِ جابرِ بْنِ عبدِ اللهِ رضي الله عنهما أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «صَلَاةٌ فِي مَسْجِدِي هَذَا أَفْضَلُ مِنْ أَلْفِ صَلَاةٍ فِيمَا سِواهُ، إِلَّا الْـمَسْجِدَ الْـحَرَامَ، وصَلَاةٌ فِي الْـمَسْجِدِ الْـحَرَامِ أَفْضَلُ مِنْ مِائَةِ أَلْفِ صَلَاةٍ فِيمَا سِواهُ».
وقد ذَهَبَ جُمْهُورُ أهلِ العِلْمِ إلى أنَّ المضاعفةَ شاملةٌ لجميعِ الحَرَمِ، ومسجدُ الكعبةِ داخلٌ فيه.
وفي مُقَابِلِ ذلك تُعَظَّمُ فيه السيئاتُ والمُنْكَرَاتُ، ففِعْلُها فيه مِنْ أَشَدِّ الخَطَرِ، وأَعْظَمِ الضَّرَرِ على المُسْلِمِ، فإنَّ المُنْكَرَ والمَعْصِيَةَ والخطيئةَ تَضُرُّ المسلمَ في دِينِهِ، ويَسْتَحِقُّ العقوبةَ عليها، ما لم يَتُبْ منها، ووُقُوعُها في الحَرَمِ أَشَدُّ وأَضَرُّ عليه في دِينِهِ، وفي آخِرَتِهِ ما لم يَتُبْ منها، قَالَ تَعَالَى: ﴿ومَنْ يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحَادٍ بِظُلْمٍ نُذِقْهُ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ﴾ [الحج: 25].
وقَدْ ذَهَبَ بعضُ أَهْلِ العلمِ إلى أنَّ هذه الآيةَ تَدُلُّ علَى أنَّ الإنسانَ يُعَاقَبُ على ما يَنْوِيهِ مِنَ المعاصِي والمُنْكَرَاتِ في الحَرَمِ بمكةَ وإِنْ لَمْ يَعْمَلْها.
قال ابْنُ مُفْلِحٍ في الآدَابِ الشرعيةِ والمِنَحِ المَرْعِيَّةِ: قَالَ الشيخُ تَقِيُّ الدِّينِ: المَعَاصِي في الأيَّامِ المُعَظَّمَةِ، والأمكنةِ المُعَظَّمَةِ تُغَلَّظُ مَعْصِيَتُها وعِقَابُها بِقَدْرِ فَضِيلَةِ الزمانِ والمكانِ. انْتَهَى كلامُه.
وهو مَعْنَى كلامِ ابنِ الجوزيِّ وغَيْرِهِ. اهـ.
وقالَ ابنُ القَيِّمِ في زَادِ المعادِ:
ومِنْ خَوَاصِّه أنَّه يُعاقَبُ فيه علَى الهمِّ بالسيِّئَاتِ وإنْ لم يَفْعَلْها، قَالَ تَعَالَى: ﴿ومَنْ يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحَادٍ بِظُلْمٍ نُذِقْهُ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ﴾ [الحج: 25]، فتأمَّلْ كيفَ عَدَّى فِعْلَ الإرادةَ ها هُنا بالباءِ، ولا يُقال: أَرَدْتُ بِكَذَا إلَّا لِمَا ضُمِّنَ مَعْنَى فِعْلِ (هَمَّ)، فإنَّه يُقَالُ: هَمَمْتُ بِكَذَا، فتوَعَّدَ مَنْ هَمَّ بأنْ يَظْلِمَ فيه بأَنْ يُذِيقَهُ العذابَ الأليمَ.
وهذه الآثارُ وإنْ دَلَّتْ على أنَّ هذه الأشياءَ مِنَ الإلحادِ؛ ولكِنْ هو أَعَمُّ مِنْ ذلكَ؛ بلْ فيها تَنْبِيهٌ على ما هو أَغْلَظُ منها؛ ولهذا لمَّا هَمَّ أصحابُ الفِيلِ على تَخْرِيبِ البيتِ أَرْسَلَ اللهُ عليهم طَيْرًا أبابيلَ ﴿تَرْمِيهِمْ بِحِجَارَةٍ مِنْ سِجِّيلٍ ٤ فَجَعَلَهُمْ كَعَصْفٍ مَأْكُولٍ﴾ [الفيل: 4، 5]، أيْ: دمَّرَهُمْ، وجَعَلَهُمْ عبرةً ونَكَالًا لكُلِّ مَنْ أرادَهُ بسُوءٍ، ولذلكَ ثَبَتَ في الحديثِ أنَّ رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «يَغْزُو هَذَا الْبَيْتَ جَيْشٌ، حَتَّى إِذَا كَانُوا بِبَيْدَاءَ مِنَ الْأَرْضِ خُسِفَ بِأَولِهِمْ وآخِرِهِمْ...» الحديثَ. اهـ. والحديثُ في الصَّحِيحَيْنِ.
وكَلِمَةُ: (إلحادٍ) تَعُمُّ كلَّ مَيْلٍ إلى باطلٍ؛ سواءٌ أكَانَ في العقيدةِ أو غَيْرِها؛ لأنَّ اللهَ تَعَالَى قَالَ: ﴿ومَنْ يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحَادٍ بِظُلْمٍ﴾ ، فنكَّرَ الجميعَ، فإذا أَلْحَدَ أَحَدٌ أيَّ إلحادٍ فإنَّه مُتَوَعَّدٌ بهذا الوعيدِ، وقد يَكُونُ المَيْلُ عَنِ العقيدةِ إلى الكُفْرِ باللهِ، فيَكْفُرُ بذلكَ، فيكونُ ذَنْبُه أَعْظَمَ، وإلحادُه أَكْبَرَ.
وقد يَكُونُ المَيْلُ إلى سيئةٍ مِنَ السيئاتِ كشُرْبِ الخَمْرِ والزِّنَى وعُقُوقِ الوالِدَيْنِ أو أَحَدِهما، فتَكُونُ عُقُوبَتُه أَخَفَّ وأَقَلَّ مِنْ عقوبة الكافِرِ.
وإذا كَانَ الإلحادُ بِظُلْمِ العبادِ بالقَتْلِ أوِ الضَّرْبِ أو أَخْذِ الأموالِ أوِ السَّبِّ أو غيرِ ذلك؛ فهذا نَوْعٌ آخَرُ، وكُلُّهُ يُسَمَّى إلحادًا، وكُلُّه يُسَمَّى ظُلْمًا، وصاحِبُه على خَطَرٍ عَظِيمٍ، لكِنَّ الإلحادَ الذي هو الكُفْرُ بِاللهِ والخُرُوجُ عَنْ دائرةِ الإسلامِ أَشَدُّ مِنْ سائرِ المعاصِي وأَعْظَمُ منها، كَمَا قَالَ اللهُ سبحانه وتعالى: ﴿إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ﴾ [لقمان: 13]. اهـ.
أَقُولُ قَوْلِي هَذَا وأَسْتَغْفِرُ الله لِي ولَكُمْ.
.
.
.
الخُطْبَةُ الثَّانِيَةُ:
الْـحَمْدُ لله، والصَّلاةُ والسَّلامُ على رسولِ الله، وبَعْدُ:
الَّذِي يُلْحَظُ اليومَ أنَّ بعضَ الفئاتِ تُلْحِدُ في حَرَمِ اللهِ؛ سَوَاءٌ بإظهارِ الشِّرْكِ أوِ البِدَعِ، أوِ المعاصي والكبائرِ؛ بلْ إنَّ منهمْ مَنْ جَعَلَ الحجَّ لِرَفْعِ الشِّعَارَاتِ الشِّرْكِيَّةِ، والراياتِ البدعيةِ، والخلافاتِ الطائفيةِ؛ لِزَرْعِ الفِتْنَةِ والخِلَافِ والشِّقاقِ بينَ المسلمينَ، وتَهْدِيدِ أَمْنِ الحجِّ والحُجَّاجِ، والمحاولةُ في بَثِّ الخوفِ والذُّعْرِ بينَ حُجَّاجِ بيتِ اللهِ الحرامِ، وما ذلك إلَّا لِأَطْمَاعٍ سياسيةٍ، وتحكُّماتٍ عجيبةٍ غَرِيبَةٍ؛ لِتَحْقِيقِ أهدافٍ تَوَسُّعِيَّةٍ واضِحَةٍ، وذلك عَنْ طَرِيقِ إثارةِ الفِتَنِ والقَلَاقِلِ، واحتواءِ بَعْضِ الجماعاتِ والتنظيماتِ والأحزابِ التي يَسْتَغِلُّونَها للوصولِ إلى مَطَامِعِهِمُ المَشِينَةِ، بلْ وأَبْعَدُ مِنْ ذلكَ دَعْمُ كلِّ فِئَةٍ مارِقَةٍ خارِجَةٍ عَنْ دِينِ اللهِ ومُعَادِيَةٍ لِبِلَادِ التوحيدِ، وقِبْلَةِ المسلمينَ، ومَهْوَى أفئدَتِهِمُ، المملكةِ العربيةِ السعوديةِ، كلُّ يَوْمٍ نُطَالِعُ ما هو أَشَدُّ وأَسْوَأُ مِمَّا يَقُومُونَ به في هذا الاتجاهِ، ولكِنَّ اللهَ سبحانه وتعالى كَشَفَ أَمْرَهُمْ، وأَبْطَلَ كيدَهُمْ، وتَصَدَّتْ لهمْ هذه الدولةُ -حَفِظَهَا الله- بحَزْمٍ وعَزْمٍ وقُوَّةٍ، بقِيَادَةِ وتوجيهاتِ خَادِمِ الحَرَمَيْنِ الشريفَيْنِ الملكِ سلمانِ بنِ عبدِ العزيزِ -حفظه الله-.
وما نَرَى اليومَ مِنِ استغلالِ هذه الطائفيةِ الفارسيةِ الصَّفَوِيَّةِ لِشَعَائِرِ الحجِّ ومشاعِرِهِ مِنْ خِدْمَة لِسِيَاسَاتِهَا وأَطْمَاعِهَا، وأعمالِها التخْرِيبِيَّةِ، ومُعْتَقَدَاتِها المُنْحَرِفَة التي لا يُقْصَدُ منها إلَّا النَّيْلُ مِنَ الإسلامِ، وتأليبُ أَعْدَائِهِ عليه، والقضاءُ على العقيدةِ الإسلاميةِ الصَّحِيحَةِ، ولا شَكَّ أنَّ هذا وأمثالَه مِمَّا ذَكَرْنَا وما لم نَذْكُرْ دَاخِلٌ في المُحَرَّمَاتِ والمُوبِقَاتِ والإلحادِ في حَرَمِ اللهِ تَعَالَى، وهو مِمَّا نَهَى اللهُ عنه ورَسُولُه صلى الله عليه وسلم أَشَدَّ النهيِ والتحريمِ.
وإنَّ مِمَّا يُحْمَدُ لِوُلَاةِ أَمْرِنا وفَّقَهُمُ اللهُ وعلى رَأْسِهِمْ خادِمُ الحَرَمَيْنِ الشرِيفَيْنِ الملكُ سلمانُ بنُ عبدِ العزيزِ وفَّقَهُ اللهُ وسَدَّدَهُ؛ وُقُوفَهُمْ بقُوَّةٍ وحَزْمٍ واقتدارٍ ضِدَّ مَنْ يُحاوِلَ زَعْزَعَةَ أَمْنِ الحجِّ، أوِ النَّيْلَ مِنْ شعائِرِهِ، أوِ الإفسادَ في مَشَاعِرِهِ، فلَمْ ولا ولَنْ يَسْمَحُوا لِكُلِّ مَنْ يُرِيدُ أنْ يُحَقِّقَ أطماعًا سياسيةً، أو مَآرِبَ طائفيةً، أو يَنْشُرَ دعوةً حِزْبِيَّةً، أو عصبيةً فارسيةً، أوْ تَحَرُّكَاتٍ صَفَوِيَّةً، عَبْرَ عبادةِ الرُّكْنِ الخامسِ مِنْ أركانِ الإسلامِ، ألَا وهو حَجُّ بَيْتِ اللهِ الحَرَامِ.
فحُكُومَةُ المملكةِ العربيةِ السعوديةِ هي حامِيَـةُ الحرمَيْنِ الشريفَيْنِ، ولا تَزَالُ، وسَتَزَالُ بإِذْنِ اللهِ تَعَالَى، وقد بَذَلَتْ في حِمَايَتِهما وحِفْظِهما جُهُودًا كَبِيرَةً، وأعمالًا مُضْنِيَةً، فقامَتْ بهما خَيْرَ قِيَامٍ، وحَرَسَتْهُما مِنْ كُلِّ مُتْعَدٍ ظَالِمٍ، وعَدُوٍّ غاشِمٍ، أوْ أنْ تَنَالَهُما يَدُ الفُجُورِ والعَبَثِ، والشِّرْكِ والخَبَثِ، والغَدْرِ والخيانَةِ، والطَّمَعَ والجَشَعِ.
وقد كَانَ حَالُ قَاصِدِي الحرمَيْنِ الشريفَيْنِ والمشاعِرِ المقدَّسَةِ للحجِّ أوِ العُمْرَةِ أوِ الزيارةِ قَبْلَ هذه الدولةِ المباركةِ المملكةِ العربيةِ السعوديةِ مُحْزِنًا مُبْكِيًا؛ قَتْلٌ وسَلْبٌ ونَهْبٌ، القَوِيُّ يَأْكُلُ الضعيفَ، والطائِفَةُ تَفْتِكُ بالفَرْدِ، تَخْرُجُ القافِلَةُ المُكَوَّنَةُ مِنَ العددِ الكبيرِ إلى الحجِّ فَقَدْ تَصِلُ إلى البلدِ الحرامِ، وقَدْ لا تَصِلُ، وبالتالي فإنَّ مَنْ يَعُودُ إلى أَهْلِهِ مِنْ أداءِ نُسُكِهِ يكونُ في حُكْمِ المولودِ مِنْ جَدِيدٍ، عَرَفْنَا ذَلِكَ مِنَ الكُتُبِ، وسَمِعْنَاهُ مِنْ آبائِنَا يَحْكُونَهُ عَنْ آبائِهِمْ وأجدادِهِمُ الذين عَايَشُوا ذَلِكَ.
وبِفَضْلٍ مِنَ اللهِ، ثُمَّ بإخلاصِ المُؤَسِّسِ واحتسابِهِ واجتهادِهِ هذا المَلِكِ العظيمِ الملكِ عبدِ العزيزِ بنِ عبدِ الرحمنِ آل سُعُودٍ، صَاحِبِ الأَيَادِي البَيْضَاءِ، والمَجْدِ التَّلِيدِ، الذي بَذَلَ نَفْسَهُ ووَلَدَهُ ومالَهُ مِنْ أَجْلِ إعلاءِ كَلِمَةِ التوحيدِ، وتَرْسِيخِ المُعْتَقَدِ الصحيحِ، والمنهَجِ السَّلِيمِ، وتَطْبِيقِ شَرِيعَةِ اللهِ، وتَنْفِيذِ حُدُودِهِ وأحكامِهِ.
وهذه الحكومةُ المبارَكَةُ مُسْتَمِرَّةٌ بإِذْنِ اللهِ تَعَالَى في تحقيقِ هذه الأعمالِ الجليلةِ، والخِدْمَاتِ المُتَعَدِّدَةِ لِضُيُوفِ الرحمنِ، بِدُونِ كَلَلٍ أو مَلَلٍ، ومِنْ أَهَمِّ ذلك وأَعْظَمِهِ تَحْقِيقُ الأَمْنِ؛ لِيُؤَدِّيَ حُجَّاجُ بَيْتِ اللهِ الحرامِ مَنَاسِكَهُمْ بِرَاحَةٍ واطْمِئْنَانٍ، وسَكِينَةٍ وأمانٍ، فأيُّ شيءٍ يُخَالِفُ ذلكَ، أو يُؤَثِّرُ على أَمْنِ الحجِّ، أو يُشَوِّشُ على حُجَّاجِ بيتِ اللهِ، أو يُسْتَخْدَمُ الحجُّ لغَيْرِ ما شَرَعَهُ اللهُ مِنْ رَفْعِ الشعاراتِ السياسيةِ، أو تَصْدِيرِ الثوراتِ الطائفيةِ، أو زَرْعِ الفتنةِ الفارسيةِ، أو نَشْرِ المِلَّةِ الصَّفَوِيَّةِ؛ فإنَّ المملكةَ العربيةَ السعوديةَ واقِفَةٌ وسَتَقِفُ بإِذْنِ اللهِ دَوْمًا في مَنْعِ هذه المُعْتَقَدَاتِ الجاهليةِ، والأفعالِ التخريبيةِ، والأعمالِ الإجراميةِ.
وما قَامَتْ به دولةُ إيرانَ الصَّفَوِيَّةُ الفارسيةُ مِنِ اشْتِرَاطَاتٍ فاسدةٍ، وخُزَعْبَلَاتٍ كاسِدَةٍ على حُكُومَةِ المملكةِ العربيةِ السعوديةِ، أو عَدَمِ التزامٍ بأَنْظِمَةِ سَلَامَةِ الحجِّ والحُجَّاجِ؛ لَهُوَ شَاهِدٌ على عَصَبِيَّتِهِمُ الطائفيةِ، وإرادةِ تَحْقِيقِ مَآرِبِهِمُ الصَّفَوِيَّةِ.
وقَدْ أَكَّدَ حُجَّاجٌ إيرانيون قَدِمُوا لِلْحَجِّ أنَّ ما شَاهَدُوهُ على أَرْضِ الواقِعِ مُغَايِرٌ تمامًا لِمَا تُرَوِّجُهُ الدعايةُ الإيرانيةُ المُغْرِضَةُ عَنِ المملكةِ العربيةِ السعوديةِ وشَعْبِها الذي يَحْمِلُ الحُبَّ والكَرَمَ والأصالةَ، صغيرًا كان أو كبيرًا؛ بَلْ ويَتَنَافَسُونَ على خِدْمَةِ ضُيُوفِ الرحمنِ، وتَقْدِيمِ ما يَنَالُ إعجابَهُمْ ورِضَاهُمْ، مُضِيفًا أنَّ إيرانَ تُحَاوِلُ جَاهِدَةً طَمْسَ هذه الصورةِ المُشْرِقَةِ لِبِلَادِ الحَرَمَيْنِ.
وإنَّ إيرانَ لمَّا مَنَعَتْ حُجَّاجَ دَوْلَتِهِمْ مِنْ أَجْلِ تحقيقِ أطماعِها وشَهْوَتِها الفاسدةِ فهو دَلِيلُ خِذْلَانٍ لهم، وبَوَارٍ عليهم، فإنَّ الحاجَّ لا يُمْنَعُ مِنَ الوصولِ إلى بَيْتِ اللهِ، ومَنْ مَنَعَهُ فَقَدْ خَالَفَ النبيَّ صلى الله عليه وسلم ، أَخْرَجَ أصحابُ السُّنَنِ الأَرْبَعِ مِنْ حديثِ جُبيرِ بنِ مُطْعِمٍ أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «يَا بَنِي عَبْدِ مَنَافٍ، لَا تَمْنَعُوا أَحَدًا طَافَ بِهَذَا البَيْتِ، وصَلَّى أَيَّةَ سَاعَةٍ شَاءَ مِنْ لَيْلٍ أَوْ نَهَارٍ»، هذا في الطَّوَافِ، فكيفَ بِمَنْعِ مُسْلِمِي بَلَدِهِ مِنْ حَجِّ بيتِ اللهِ الحرامِ؟!، بَلْهَ كَيْفَ مَنْ مَنَعَهُمْ مِنْ أَجْلِ تحقيقِ مَطَامِعِهِ وأَهْدَافِهِ الطائفيةِ؟! لا شَكَّ أنَّ الجُرْمَ أَعْظَمُ، والمعصيةَ أَشَدُّ.
وبِحَمْدِ اللهِ وفَضْلِهِ أنَّ وُلَاةَ أَمْرِ هذه البلادِ المبارَكةِ المملكةِ العربيةِ السعوديةِ مُنْذُ عَهْدِ المُؤَسِّسِ الملكِ عبدِ العزيزِ بنِ عبدِ الرحمنِ آل سعودٍ وفي جَمِيعِ مُدَّةِ حُكْمِ أبنائِهِ الميامِينِ لم يَمْنَعُوا أحدًا مِنَ الوصولِ لهذا البيتِ المُعَظَّمِ؛ بَلْ كانُوا يَسْعَوْنِ جَاهِدِينَ بكُلِّ ما يَسْتَطِيعُونَ لِخِدْمَةِ ضُيُوفِ الرحمنِ، وتَسْهِيلِ كُلِّ العَقَبَاتِ التي تَحُولُ دُونَ وُصُولِهِمْ لِبَيْتِ اللهِ الحرامِ.
عبادَ اللهِ صَلُّوا وسَلِّمُوا على خَيْرِ عبادِ اللهِ، الرحمةِ المُهداةِ، والنِّعْمَةِ المُسْدَاةِ، محمدٍ صلى الله عليه وسلم ، اللهُمَّ صَلِّ وسَلِّمْ وزِدْ وبارِكْ على نَبِيِّنا محمدٍ، وارْضَ اللهُمَّ عَنْ خُلَفَائِهِ الرَّاشِدِين، وصَحابَتِه الغُرِّ المَيَامِينِ، اللهُمَّ أَعِزَّ الإسلامَ والمسلمينَ، اللهُمَّ أَعِزَّ الإسلامَ والمسلمينَ، اللهُمَّ أَعِزَّ الإسلامَ والمسلمينَ، وأَذِلَّ الشِّرْكَ والمشركينَ، ودَمِّرْ أَعْدَاءَكَ أعداءَ الدِّينِ، اللهم اجْعَلْ هذا البلدَ آمِنًا مُطْمَئِنًّا سَخَاءً رَخَاءً وسائِرَ بلادِ المسلمينَ.
اللهُمَّ آمِنَّا في أَوْطَانِنا، وأَصْلِحْ أئِمَّتَنا ووُلَاةَ أُمُورِنا، اللهُمَّ وفِّقْ وليَّ أَمْرِنا خَادِمَ الحرمينِ الشريفينِ سلمانَ بنَ عبدِ العزيزِ ووليَّ عَهْدِه الأَمين بتَوْفِيقِكَ، واكْلَأْنَا وإيَّاهُمْ بِعِنَايَتِكَ ورعايتِكَ، وأَلْبِسْنا وإيَّاهُمْ ثَوْبَ الصِّحَّةِ والعافيةِ، وزِدْنا وإيَّاهُمْ عِزًّا ونَصْرًا وتمْكِينًا وقِيامًا بكِتَابِكَ وبسُنَّةِ رَسُولِكَ صلى الله عليه وسلم ، وما كَانَ عليه سَلَفُ هذه الأمةِ.
اللهُمَّ انْصُرْ جُنُودَنا البَوَاسِلَ، ورِجَالَ أَمْنِنا دَاخِلَ البلادِ، وعلى الحدودِ والثُّغُورِ، اللهُمَّ انْصُرْهُمْ ومَكِّنْ لهمُ، اللهُمَّ ثَبِّتْ قلوبَهُمْ، وارْبِطْ على جأشِهِمْ، واخْذُلْ عَدُوَّهُمْ، وزِدْهُمْ قُوَّةً وبصيرةً، واحْفَظْنَا وإيَّاهُمْ مِنْ بَيْنِ أيْدِينا ومِنْ خَلْفِنا، وعنْ أَيْمَانِنَا، وعَنْ شَمَائِلِنَا، ومِنْ فَوْقِنا، ونَعُوذُ بِكَ أنْ نُغْتَالَ وإيَّاهُمْ مِنْ تَحْتِنا.
اللهُمَّ إنَّا نَعُوذُ بِكَ مِنْ جَهْدِ البلاءِ، ودَرَكِ الشقاءِ، وسُوءِ القَضَاءِ، وشَمَاتَةِ الأعداءِ، وغَلَبَةِ الدَّيْنِ، وقَهْرِ الرجالِ.
اللهُمَّ إنَّا نَعُوذُ بِكَ مِنَ الجُبْنِ والبُخْلِ، والهَمِّ والحَزَنِ والكَسَلِ، اللهُمَّ اهْدِنَا لِأَحْسَنِ الأقوالِ والأعمالِ والأخلاقِ، لا يَهْدِي لِأَحْسَنِها إلَّا أنتَ، واصْرِفْ عنَّا سَيِّئَها، لا يَصْرِفُ عنَّا سَيِّئَها إلَّا أنتَ، اللهُمَّ زِدْنَا تَوْفِيقًا وعِلْمًا، وارْزُقْنَا الإخلاصَ والاحْتِسَابَ في القولِ والعَمَلِ.
اللهُمَّ احْفَظْ عَلَى هَذِهِ البِلَادِ أَمْنَهَا ورَخَاءَهَا واسْتِقْرَارَها، واحْفَظْ وُلَاةَ أَمْرِنَا مِنْ كُلِّ سُوءٍ ومَكْرُوهٍ، وأَعِذْنَا مِنَ الفِتَنِ ما ظَهَرَ منها وما بَطَنَ، وادْفَعْ عَنْ هذه البلادِ مَكْرَ الماكِرِينَ، وفَسَادَ المُفْسِدِينَ، وعُدْوَانَ المُعْتَدِينَ، إنَّكَ سَمِيعٌ مُجِيبٌ، والحمدُ للهِ رَبِّ العالمينَ.
وصَلَّى اللهُ وسَلَّمَ على نَبِيِّنا محمدٍ، وعلَى آلِهِ وصَحْبِهِ أَجْمَعِينَ.